صداقات خارج حدود المألوف!
سهير بشناق
03-01-2020 01:28 AM
لم تكن الكاتبة غادة السمان الا بصادقة عندما وصفت الصداقة بانها «كسر لعزلة القلوب»
وعزلة القلوب مؤلمة، لا تأتينا هكذا عبثا انما تعبر بنا بعد كل محطة خذلان او تجارب بالعمر بقدر ما تعلمنا وتغيرنا بقدر ما امامها نعود كالاطفال نحتاج للمسات حنان لاحساس وتفهم من الآخرين كالاصدقاء بما يجتاحنا
الصداقة كسر لعزلة القلوب كرسالة تأتيك لا لشيء فقط لتخبرك بانها لا زالت معك.
كصوت يأتيك؛ دون موعد ليطمئن عن ذاتك ويمضي.
تاركا لك الشعور بعبق الحياة وطمأنينتها.
تلك الاشياء الصغيرة نمر بها كثيرا لا نكترث لها لكنها تعني الكثير لكل قلب متألم.
اجمل ما في الصداقات، لحظات البوح التي تكون مختلفة تماما كسحابة سماء تمطر،امام من تحب بوح لاوجاعنا واحلامنا وتفاصيل ايامنا وتجاربنا لا تاتي الا بمن يستوطن القلب والنفس.
هي لحظات مختلفة لا نسمح لها ان تكون الا بمن احبهم القلب وكانوا جزءا من وجوده ونبضاته
هي لحظات اقتراب الارواح بمن هم الاقرب لنا.
لكن الاجمل من ذلك ان تستمر معنا تلك اللحظات الا نشعر بأننا غرباء بعدها ان نتلمس اهتمام من بحنا لهم من أصدقاء وشعورهم بنا ليؤكدوا لنا ان الصداقة كسر لعزلة القلوب تستمر ولا تمضي كلحظات العمر الهاربة
كل ما نحتاجه ان يحتوينا الآخرون بايام ألمنا وانكسارنا وان تمضي تلك اللحظات من البوح ولا يمضوا هم ملأوا ايامنا بطمأنينة العمر ودفء الايام.
القلوب كالنفوس تتشابه فيما بينها.
لا تتشابه القلوب كثيرا فهي مختلفة كالنفوس!
هناك قلوب تسحبك دوما للخلف تحجب عنك رؤية كل لحظة فرح او امل انت تستحقها بالحياة
هي تماما كضباب يملأ طريقك كلما اردت استشعار الرؤية لتستمر،اعادتنا للخلف وزرعت بذاتك وايامك الخوف والسكون.
تلك القلوب مؤلمة لانها تحيا بعيدة كل البعد عن الحياة.
لا تمنحك اي امل لتستمر باحزانك وآلامك وفي لحظات ما تكون بارعة باداء دورك انت لتحجب عنك اي امل جديد او فرحة تستجمع قواك لتسرقها من العمر وكأنها تذكرك دوما بما تحياه وتأبى الا ان تكون انت سجينا لها ولكل ما يؤلمك.
نحن ندرك جيدا اوجاعنا ونكون اوفياء لها لكننا نستحق احيانا ان يكون بحياتنا من يفتح لنا ابواب أخرى
من يرى من الايام ألوانا أخرى لا يلفها الضباب ويحجب رؤيتنا عن كل ما هو جميل
هي تلك القلوب التي تتشابه مع نفوس لا تحيا انما ترتبط بالحياة لان قلوبها لا تزال تنبض فقط
هي تلك القلوب التي تتقمص دور المتألم اكثر بكثير ممن يحيا الالم لتبقيه بدائرة من الحزن والانكسار
تلك القلوب ان ارادت يوما الخروج من عالمها باتت لا تعلم كيف تحيا، تظلم ذاتها والاخرين من حولها
كم نحن بحاجة برحلة العمر من يمنحنا الأمل.
كم نحن بحاجة من يزرع بايامنا لحظات من الفرح وان كان عابرا، من يرسم الابتسامة على ملامحنا ومن يذكرنا ان بالعمر ما يستحق ان يعاش وان بدا لنا مستحيلا لكننا لا نتوقف عن المحاولة... عن القدرة على ان نحلم.
قلوب ليست لنا.
نحن مهما بلغنا من الذكاء لا يمكننا اكتشاف ما تختزنه قلوب الاخرين نحونا الا بقدر ما يريدون وبقدر ما نراهم نحن
عندما نحب ونمنح الثقة نرى الاخرين من حولنا كلوحة جميلة نعشق تفاصليها ونتجاوز عن كل ما يمكنه ان ينتقص من جمالها.
نراهم الاجمل والانقى ؛لاننا نحن كذلك لا نعترف ان هناك نفوسا لا تمتلك نقاء الروح ولا جماله
نفوس تنتظر سقوطنا وعثراتنا.... ليعيشوا ما باعماقهم هم وما يتمنونه لنا.
لم تكن في اي يوم من الايام الاختلافات بين البشر في علاقاتهم الا كصفحة بكتاب الحياة والايام لم نكن نراها جيدا ولم نتعلم بعد كيف نقرأ ما بين سطورها لكنها تظهر لنا ما باعماقهم وما يحملونه لنا من مشاعر لم تكن جميلة وليس لها من النقاء شيء.
الخلافات بالعلاقات الانسانية لربما هي كل ما نحتاجه لنعيد ترتيب الاخرين بايامنا بما يليق بهم
لنفتح نوافذ لطالما كانت مغلقة، اردنا من اغلاقها ان نبقي على الاخرين بايامنا وان نبحث بقاموس حياتنا عن كل ما يبقيهم كلوحة جميلة لان الخسارات موجعة لكنها وحدها من تمنح القلب والنفس الطأنينة والهدوء بايامنا كي لا نستمر دون ان نكتشف تلك القلوب التي لم تكن تستحقنا باي يوم من الايام.
(الرأي)