حسنا في هذه الاستراحة فلسفة شخصية ستأتي لاحقا، لكن بالنسبة لتوقعاتي للسنة الجديدة، إليكم الأنباء بالتفصيل:
سنركب الباص السريع، وانتشار كثيف لسيارات الكهرباء والهايبرد، وتراجع مخالفات السير الى الحدود الدنيا حتى أن رقيب السير لن يجد سائقا ولا سيارة يضع عليها ورقة المخالفات، فيعيد الدفتر الى الدائرة وهو يقول، لم أجد مخالفا، هاكم الدفتر أعيدوه الى خزانة الدفاتر.
سنتحول الى الغاز للتدفئة وستختفي جرار غاز الطبخ، وسيأتي يوم يشتاق الناس فيه الى موسيقى سيارات الغاز، وسيقول من عاش تلك المرحلة، مرت من هنا سيارة غاز وكانت الأخيرة.
ستنتشر الحدائق بكثافة، حتى أن الناس سيحتارون لأي حديقة سيذهبون، وستنتشر الأرصفة والميادين العامة حتى ان الشوارع ستشتاق لمن يسير عليها وستبقى سوداء بلا خدوش ولا مطبات ولا حفر.
سنحتفل بالمطب رقم 10 مليون وسيكون لكل مواطن مطب باسمه.
سيزداد عدد الإشارات الضوئية و سيكون هناك فائض لدرجة أن الأمانة لن تجد مفرق طرق ولا مصلبا ولا تقاطعا تضع عليه إشارة فتعلقها مثل زينة الشوارع على الجسور وفي الأنفاق.
ستنتهي أزمة السير تماما، لأن الخبراء الألمان سيجدون الحل، وهو رحيل الناس الى خارج عمان.
كن أنت ولا تبالي
هذه سنة أخرى تنقضي، ويحتفل الناس بسنة جديدة تقطف من العمر المزيد، لكن هي سنة الحياة عندما يريد الناس أن يبتكروا عوامل للفرح وإن كان من نصيب بعض الهموم وما الإنشغالات في نهاية المطاف سوى زمن نكرسه لزمن آخر، ونقول هذا عالم جديد، ليس لنا وهي عبارة شهيرة للكاتب والروائي الراحل غسان كنفاني.
هو عالم ليس لنا كأمة عربية ماجدة، تنتظر حصادا لكن من حقول لم تزرعها، وتنظر نبتا لكن من شجر لم تسقه الماء.
لكن بسطحية أقول أنا بخلاف كل الاراء المتشائمة والمتخوفة من صعوبة العام الجديد، أنا متفائل، بالتأكيد هناك أسباب تدعوني الى ذلك، لكن أيضا عوامل التفاؤل تخلق ولا تسقط من السماء، فقط هي تحتاج الى من يزرعها ويوزعها مثل علب البسكويت والحلوى على الأطفال.
أنا متفائل لأن أطفالنا أكثر تقدمية علينا وأكثر تفوقا وأكثر جرأة وأكثر وعيا وأكثر طموحا،،إن كنا قد إنخرطنا في دولاب الواقع والوقائع وقبلنا به، فلا أظن أنهم سيقبلون، أو سينخرطون، هم سيفلتون من عقال هذا الواقع، نظرتهم الى الشمس جيث النور والدفء وإلى الأفق حيث العالم اللامحدود والى الأرض بما وسعت.
عندما تقف اليوم لتسترد أحداث عام مضى، ستختلط في عقلك الذاكرة، ستحاول أن تتذكر شيئا مما مضى، وستعصر ذهنك وتفرك جبهتك بأصابعك، لكن الإشكال الذي سيواجهك هو أنك ستسدعي الصور الحزينة، وستكتفي بعبارة ترددها في كل سنة، كانت سنة فيها قليل من المسرة، إن شاء الله تكون سنة أفضل، أين السعادة في بعض لحظات من سنة كاملة مرت فيها من الأشهر إثني عشر ومن الأيام 366 يوما أو 365 يوما أو ما شئت، أليس في كل تلك الأيام والساعات ما يجعلك تبتسم.
آلاف وملايين الأحداث تزدحم و لا تميزها ولن تستطيع لكن واحدة من بينها فقط هي المميزة و إنها ساعة الرضا والتصالح مع النفس، تنبذ فيها الانفصام عندها ستجد نفسك وما في عقلك وكل المتاهات هي ذاتها التي يتحدث فيها وعنها لسانك وتشعر بها وتلمسها وتتحرك اليها وفي صورتها أطرافك، هل يصعب عليك أن تحيل هذه الساعة الى سنوات عمرك؟
كن أنت ولا تبالي.
(الرأي)