مثلما نتمنى نحن الأفراد أمنيات خاصة او عامة مع بداية كل عام فإن الدول أيضا لها أمنيات او اهداف تتمنى أن تتحقق، فالدول في إقليمنا كلها قلقة ولديها مخاوف ذات أنواع مختلفة، لكن ليس هناك دولة في محيطنا تعيش في ارتياح.
ونحن في الأردن مثل كل محيطنا نسعى لتجاوز المراحل بأقل الخسائر أحيانا وببعض المكاسب أحيانا أخرى، ومثلنا مثل كل من حولنا لم تعد لغة الخطط والإستراتيجيات طويلة الأمد حاضرة إلا في بعض القطاعات لكن سياسيا وحتى اقتصاديا واجتماعيا فإن الأمر في إطار إدارة المراحل.
ولعل من يدير العالم حولنا لم يحلم بأن يكون مستوى المنطقة بهذه الصعوبة فكل الدول في حالة ترقب وفق جدول أولويات يختلف من دولة لأخرى، لكن أمنيات الاردن الكبرى التي تنتقل من عام لآخر ترتبط بالاستقرار الإقليمي الذي خيمت آثاره على الأردنيين، الملف السوري والعراقي واللبناني، وكلها ملفات خارج إطار سيطرة الاردن وحتى سيطرة حكومات دول هذه الأزمات.
هذه الملفات تصنع قلقا لدى الاردن من تداعيات أمنية واقتصادية وسياسية، والقلق يعني ثمنا على الدولة تحمله وعبئا على كل أردني كما هو الحال مع أزمة سوريا منذ سنوات.
أمام القلق المزمن فهو القادم من غرب النهر حيث الاحتلال الصهيوني وإدارة ظهره لفكرة السلام وعمله الذي لا يتوقف لقتل فكرة الدولة الفلسطينية، وهذا يجعل الفلسطينيين بلا أفق حل يوفر لهم حقوقا وطنية وسياسية على أرضهم، وفي نفس الوقت يعزز قلق الاردنيين على هويتهم الوطنية من آثار السياسات الصهيونية وبخاصة عندما تجد دعما من الإدارة الأمريكية مثلما هو الحال مع ترامب.
ورغم إدراكنا جميعا الواقع الذي يعيشه الملف الفلسطيني إلا أن جزءا من مشكلة الاردن ذهاب كل الواقع الصهيوني نحو التطرف المعلن والوقح، فالخيارات التي ننتظر أحدها كلها داخل معسكر التطرف واليمين الصهيوني، ولهذا فإن أكثر الملفات الضاغطة على الأردن هو إسرائيل سواء ما يتعلق بالملف الفلسطيني او العلاقه بين الأردن وإسرائيل.
واذا كان الملف الاقتصادي هو الأصعب داخليا فإن جزءا كبيرا من حلوله سياسية، فانفراج ملفات الاقليم مثل سوريا تعني تحسنا اقتصاديا، وأتحدث هنا عن عودة سوريا إلى وضعها الطبيعي حيث كانت بوابة تصدير لأوروبا ولبنان، وكان الأردن بوابة تصدير عبر حركة الترانزيت الى الخليج، وكذلك الحال مع العراق، فانبوب النفط العراقي الذي كان اقتراحا عراقيا عام 2012 وفيه مصلحة أردنية مازال في مكانه رغم بعض الخطوات العراقية التي تتعثر لأسباب سياسية أو أمنية.
أمنيات الاردن ان يتم تجفيف عوامل الارباك للدولة التي تنتج عن أداء ضعيف من جهات تنفيذية أو من الاستهداف بوسائله الحديثة عن طريق جهات منظمة أو أشخاص صنعت منهم التكنولوجيا وضعف الثقة بين الناس والحكومات أشياء مهمة وأعطت تأثيرا سببه ليس قدراتهم بل أمور أخرى.
ربما تحلم الدولة الأردنية بصباح يعود فيه من تركوا بلادهم إليها مثلما هي الأزمة السورية، وصباح تقوم فيه دولة الفلسطينيين، ويحلم الأردنييون بأداء تنفيذي يقوده أشخاص لا تشوبهم شوائب سياسية أو سلوكية ويكون قدومهم لمواقعهم يشكل صدمة إيجابية وليس بوابة لخلل في علاقة الناس بحكوماتهم، وتحلم الدولة بهدوء داخلي اكثر وتبريد الأجواء في علاقاتنا الداخلية، وفي دوامة كل هذه الأمنيات إدراك بأن الله تعالى اكرم هذا البلد بقيادة وشعب استطعا ان يعبرا بالاردن سنوات قلقة جدا وصعبة ومازلنا نقف على أقدامنا متجاوزين كميات من الأزمات والمؤمرات واخطاء اقترفها بعضنا ولم ندخل في متاهات الفوضى مثلما وقعت دول شقيقه أكثر إمكانات لكنها أقل مناعه ووعيا وحكمة.