ابو طير : لا نريد محاصصات وكل هذه الاثارات ، لاننا نعرف انها ستكون سبباً في ضياع حقوق الاردنيين والفلسطينيين معاً
17-12-2009 04:07 AM
عمون - كتب الزميل ماهر ابو طير في يومية الدستور مقالا رد فيه على بعض ما نشر اخيرا حول الاردن وفلسطين والمحاصصة بعنوان "ايميلات مُشفرة!" ننشره لاهميته:
لا يستحق الاردن طعنه من الخلف في ظهره ، لاي سبب كان ، وعلاقة الاوفياء مع الاردن ، ليست علاقة مناصب ومواقع وتمثيل نيابي وحصص وكوتات.
من حق الفرد كفرد وكمواطن ، وليس ممثلا لكتلة او جهة او عائلة ، ان يطمح الى اي موقع سياسي او نيابي ، وماهو خطر حقا ، هذه الاثارات باسم مظالم كتل سكانية ، وتقسيم الاردن على اساس كتل سكانية ، امر جد خطير ، ويستدعي ظلال الخراب في لبنان والعراق ، خصوصا ، ان بعضنا يتناسى عن عمد ان المشكلة هي مع الاسرائيليين ، اساسا ، وليست مع الدولة الاردنية ، فالاسرائيلي سلب حقوق الناس ، ويصير مطلوبا اليوم ان يُعوضه عنها تمثيليا وسياسيا ، الاردن ، فأي عدالة هذه واي منطق ، وهل الاردن "وكيل اسرائيل" في المنطقة ليدفع بدلا عنها ، ام انه الطرف الذي عليه ان يُقدم التعويضات السياسية ، على شكل محاصصة ، او تحت مبررات مختلفة.
عُقدة التمييز ، اذا اردنا فكها بنظر البعض ، علينا ان نناقشها بصوت عال ومرتفع ، فالمواطن الذي يشكو من التمييز في دائرة حكومية ، ولا يتم تعيينه فيها لاسباب مختلفة ، عليه ان يتذكر امرين ، الاول ان بعضنا حين يقرر ارسال مهندسين واطباء الى الخليج ، يبحث عن اسماء محددة ، واتجاهات محددة ، ويُقصي اخرين ، وهو هنا يفعل ما يندد به ، ونرى ذلك في معظم القطاع الخاص ، ومن جهة اخرى ، فأن قصة التمييز لا تقف تداعياتها عند الاصول والمنابت ، فالمدير اذا كان من الكرك ، ظن الموظف العجلوني انه يضطهده لاسباب جهوية ، وكل هذه القصص باتت مثل "ابريق الشاي" الذي تم غليه الف مرة ، ولا طعم له ابدا ، حتى لا يبقى دعاة المحاصصة يأخذوننا الى اتجاهات سيئة وخطيرة ، ويتعامون عن بقية تفاصيل المشهد.
اذا كانت هناك حقوق منقوصة ، فهي ليست في التمثيل السياسي وفي المواقع والوجاهة. الحقوق المنقوصة هي لستة ملايين مواطن ، من جانب العدالة الاقتصادية والاجتماعية وفي العلاج والتعليم وهذه هي مشكلة الشعب الاساسية. الطفل في عمان او الكرك او البادية الشمالية او الزرقاء او مخيم الوحدات يريد تعليما وعلاجا وحياة كريمة ، ولا يفكر بعقلية المحاصصة ، ولا يقف عندها ولا يفهمها ايضا ، وهذا الذي يجب ان نشتغل عليه حقا ، العدالة الاجتماعية والاقتصادية ، اما المحاصصة السياسية فهي هم من هموم الباحثين عن مواقع ، وانا يمثلني الوزير الجيد والمحترف والمخلص ، ايا كان منبته او دينه او مسقط رأسه ، ويمثلني النائب المحترم ، الذي يؤدي واجباته ، ولا يبيع حقوق الناس من اجل مصلحة فارغة.
علينا ان نفهم مصلحة البلد جيدا ، فمصلحتنا جميعا ان يبقى البلد آمنا هادئا بلا مشاكل ولا اشكالات ، وان لايتطوع البعض برش ماء النار على وجه البلد ، في تقارير اعلامية او تقارير مرسلة عبر "الايميل المشفر" لجهات هنا او هناك ، ومصلحتنا ان نعالج اختلالات كثيرة ، وان يكون هناك اصلاح سياسي ليس على اساس تعريف المحاصصة ، بل على اساس الاصلاح ، لان وصفته ستشمل الجميع ، اما الاردن فهو ليس "ذبيحة العيد" الواجب تقطيعها وتوزيعها على الاقارب والجيران وابناء العم ، فهذا منطق خطير وسلبي يريد تدمير الاردن ، ويريد ايضا ان يُريح اسرائيل من عبء مسؤولياتها بحيث يتم تحويل مشكلة الحقوق المهدورة على يد الاحتلال ، الى مشكلة حقوق منقوصة ومهدورة في الاردن ، فأي منطق هذا يجعلك تستبدل الاسرائيلي بالاردني في خصومتك وسوء فهمك ، وتستبدل خصومتك مع الاحتلال بخصومة مع الاردن والاردنيين.
مصلحة الاردنيين والفلسطينيين ، في ان يفهموا انهم شركاء وليسوا اضدادا ، ومشكلتهم ليست مع بعضهم البعض ، ومشكلتهم مع اسرائيل التي تريد نقل المشكلة من اسرائيل الى الاردن بوسائل مختلفة ، ويتبرع بعضنا بكل سذاجة او سوء نوايا ، بتقسيم البلد الى مجموعات سكانية ، ويُحدثك عن مشاكل هذه المجموعات ومظالمها ، وليته يروي المشهد بكل تفاصيله ، لكنه يختار الزاوية التي يُريدها ، معبرا عن موقف عدمي لا يسهم الا بالاساءة الى الاردن واستقراره ، فلا نريد محاصصات وكل هذه الاثارات ، لاننا نعرف انها ستكون سببا في ضياع حقوق الاردنيين والفلسطينيين معا ، ومصلحة الاردن وفلسطين ، والاردنيين والفلسطينين في ان يكونوا معا في وجه عدو واحد ، لا استبدال العدو بالاخ والشقيق.
ايميلات مُشفرة ، ربما ، غير ان مصلحة الاردن بمن فيه واضحة ، وليست مُشفرة ، لمن اراد ان يتقي الله حقا.
mtair@addustour.com.jo
الدستور.