عمون - بصدور اول قرار لمجلس الوزراء الجديد بتعليق اجراءات عطاء مشروع توسعة مصفاة البترول, تكون الرسالة القوية قد عنونت في جميع الاتجاهات لتعلن مرحلة جديدة من المساءلة في التعامل مع المشاريع الكبرى التي تخص الاموال العامة وحقوق خزينة الدولة وهي المهمة التي كلف بها جلالة الملك رئيس الوزراء سمير الرفاعي " القيام بالواجب في اطر مؤسيسة خاضعة لرقابة القانون... وبناء مؤسسات قادرة تعمل بشفافية وموضوعية على تعظيم الانجاز والتصدي للقصور والخلل...".
وهذا يعني ان الحكومة وفريقها الاقتصادي معني بالدرجة الاولى بمراجعة كل الاجراءات السابقه بخصوص المشاريع الكبرى وخاصة مشروع دخول الشريك الاستراتيجي الى مصفاة البترول واعادة دراسة شروط العطاء بما يضمن حقوق المساهمين وحقوق الدولة واتخاذ اجراءات تقنع المستثمرين بجدوى العطاء في عملية شفافة تقطع الطريق على اي شخص يفكر في الفساد او الافساد او الالتفاف على القانون.
ونتذكر كيف ان لغطا كبيرا ساد في عطاء توسعة المصفاة بعد ان قررت الحكومة السابقة آنذاك تمديد امتياز لشركة المصفاة وشريكها الجديد لمدة خمسة عشر عاما , وهي فكرة وإن كانت ضرورية لتشجيع دخول المستثمرين الكبار بضمان الربحية لهم لكنها كانت فكرة مخالفة للتوجهات الحكومية السائدة في منع الاحكتار او وقفه ومخالفة ايضا لقانون الطاقه الذي ينص على تحرير تدريجي لقطاع الطاقة في البلاد الذي كان محتكرا لخمسين عاما مضت, فالحكومة مطالبة اليوم ببيان ما اذا كانت الاجراءات السابقة قد اصابتها اي شائبة.
نعم كان هناك لغط واشاعات رافقت عطاء توسعة مصفاة البترول , لكن الوقت ما زال مبكرا لمنع اي تجاوزات في العطاء سابقا ولاحقا بوضع اسس واضحة وشفافة تكون مسطرة للتعامل مع جميع المتقدمين بغض النظر عن علاقاتهم مع هذه الشخصية او تلك وكشف اية علاقة من ذلك القبيل في المراحل اللاحقة , لا بل ان الحكومة مطالبة ايضا باستبعاد اي شركة او مستثمر كان له/لها علاقة سابقه مع اي مسؤول في الحكومة السابقة والحالية.
هناك تقاليد في الدول الديمقراطية تتعامل بشدة مع المسؤولين السابقين بحيث تمنع بعض الدول اي مسؤول سابق من مراجعة اية دائرة حكومية او المشاركة في اية عطاءات تخص الدولة مستغلا منصبه السابق او التأثير على مرؤوسيه السابقين.
ان الحكومة بوقفها عطاء المصفاة اصبحت ملزمة بدرجة كبيرة بإتخاذ خطوات شفافة ونزيهة عند طرح العطاء توازن بين حق الدولة والمحافظة على حقوق المساهمين وبين تقديم اغراءات للمستثمرين لاقناعهم في التقدم للعطاء.
ومن الافضل ان تفكر الحكومة في مشاركة مؤسسة الضمان الاجتماعي في هكذا مشروع استراتيجي حيوي لعدة اسباب اولها, ان المؤسسة التي تمثل الموظفين والعمال الاردنيين تملك اكثر من عشرين بالمئة من اسهم شركة مصفاة البترول وبالتالي فان اية ربحية تحققها من المشروع يبقى في البلد ويستفيد منه الاردنيون, وثانيا ان الحكومات درجت على اقحام مؤسسة الضمان في الكثير من المشاريع الخاسرة , ومن الاولى في هكذا مشروع مضمون الربحية مشاركتها.العرب اليوم
nabil.ghishan@alarabalyawm.net