لست وحدي من يُطالب ويتساءل, أين حصتي من الفساد المنتشر في العديد من مفاصل الدولة, فقبول الطلبة في الجامعات يشهد فساد كبير بفعل الكوتة التي تفتح الباب لفئة وتُغلقه أمام فئات أخرى, ونصل الى التعيين بعد التخرج من الجامعات, وهذا يحتاج الى واسطات من الحجم الكبير حتى ينال المواطن فرصة عمل تتناسب مع دراسته وتخصصه, وعقب ذلك يبدأ الفساد بمجموعة من القرارات الإدارية الخاطئة يتخذها أصحاب الحظوة لتؤثر سلباً على الوضع المالي بفضل المراكز التي يتبؤها ابناء المتنفذين في الدولة.
ويردد الكثير من أبناء الشعب قائلين ” نحن ملتزمون بدفع الضرائب بشتى أنواعها كغيرنا من أبناء الوطن, وفوق ذلك لم نستقوي على الدولة, وقمنا بتعليم أبنائنا على نفقتنا الخاصة, ولكن لم يحصل أبناء غير المدعومين على أي وظيفة مؤثرة, فهذا الوظائف محجوزة لعدد محدود من أبناء الصفوة, فيقومون بالتدريب في الوطن وعلى أبناء الوطن من أجل وظيفة أعلى, وطبعاً فإنهم لا يُحاسبون في حال فشلهم في قيادة المؤسسات التي يعملون بها, ويكفيهم الخبرة التي حصلوا عليها وتتزين بها السيرة الذاتية الخاصة بهم “حسب راي أصحاب القرار الوظيفي”.
وبسبب القهر الوظيفي الذي تقوم به الدولة, يغادر أبناء الطبقات الدنيا الى بلاد العالم باحثين عن فرصة للحياة, وهي التي ينعم بها أبناء الطبقة العليا بقوة فساد المتنفذين, وهؤلاء يشعرون بمواطنتهم الحقة كونهم يستفيدون من كل شيء في الوطن حتى الهواء, فيما الفقراء بدأوا يشعرون أنهم ضيوف غير مرغوب بهم في وطنهم, وأنهم حمل ثقيل على أبناء الصفوة على الرغم من أن الفارق المعرفي بين الطرفين كبير جداً ويميل لصالح أبناء الفقراء العاشقين للوطن, والذين يطالبون بحصتهم من الفساد حتى يشعروا بمواطنتهم كابناء الفاسدين.
ويذهب البعض الى أكثر من ذلك حيث يطالبون بحصتهم من الفساد في إنتخاب النواب بالتعيين والتي تكون معروفة مسبقاً, أو التغاضي عن فسادهم بشراء الأصوات, ويعدُ الباحثين عن النيابة الحكومة, بأن يوافقوا على جميع مشاريعها مهما كانت, وأن يكونوا خاتم في إصبع الحكومة, بشرط دعمهم للوصل للجلوس تحت القبة, وعلى عكس هؤلاء يُدرك البعض ان طريق المُعارضة وقيادة المعارضة هي الطريق الأسهل الى مجلس النواب في أسوء الظروف, وإلى منصب الوزارة كجائزة ترضية.
ما حصل جعل حلم الكثيرين بأن يكونوا شركاء في الفساد وليس الإصلاح, لأنه لا توجد نوايا صادقة في محاربة الفساد كون عدد من المستفيدين من الفاسدين هم المُطالبين بمحاربة الفساد, فهل يُعقل أن يحارب بعض المعنيين أسيادهم؟, قطعاً لا, لذا فمن الأفضل أن يُصبح الفساد علني, وأن ينال كل مواطن حصته من الفساد الذي أصبح نهج حياة لدى البعض, والدليل العدد الضخم من القضايا في مكافحة الفساد وهروب العديد من الفاسدين قبل أن تطالهم يد العدالة, والدليل زيادة البطالة ومديونية الدولة, فالفساد ليس سرقة الشعب فقط بل وضع شخص غير مناسب في مكان أعلى من قدراته, مما يؤدي الى مجموعة قرارات خاطئة يدفع ثمنها الشعب, ولدينا العديد من الأمثلة بدءاً من الفوسفات وغاز العدو وشركات الأوف شور ومشروع العبدلي والكازينو والمؤسسات الموازية والظل التي تغولت على الوزارت الحكومية, ليصرخ البعض إحتفالاً بالعام الجديد أين حصتنا من الفساد حتى نُصبحُ من الصفوة، وكل عام وأنتم بخير.؟!!