لعلها سابقة في تاريخ تشكيل الحكومات الأردنية أن تلزم حكومة نفسها بميثاق شرف - وبتوجيه ملكي- لكي يتحمل كل مسؤول مسؤولياته , فتغلب حينها مصلحة الأمة على المصلحة الذاتية , وهو ما يشكل جزا مهما من الإصلاح ومكافحة الفساد واستغلال النفوذ .
ميثاق الشرف .... سوف يكون الإطار الاخلاقي الذي تهتدي به الحكومة في عملها, ويجب على جميع المسؤولين أن يتعاملوا مع هذا التوجه الملكي بكل جدية وإدراك بعيدا عن الشعارات ,وبما يرقى إلى حجم التطلعات ويعزز مسيرة الشفافية و تعظيم الأداء ومحاربة الظواهر السلبية في المجتمع بكافة اشكالها.
التركيبة الحكومية تبدو مزيجا متناغما من ذوي الخبرة ممن عهدوا العمل العام بنجاح ،ومن الشباب ذوي الكفاء القادرين على تنفيذ الاستراتيجيات الموكولة لهم, ومن هم قادرون على نسج علاقات أفضل بين مفاصل الحكومة ومجلس الأمة والأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني والإعلام .
حكومة الرفاعي تبدأ عملها مستنيرة برؤى الملك, والتي تعد مرجعية وخريطة طريق للعمل المستقبلي من اجل بناء وطن عصري, واضعة نصب عينيها الهم الاقتصادي-الاجتماعي- التنموي, وهو ما ظهر جليا في ردها على كتاب التكليف السامي, مما يرسخ مفاهيم جديدة في الإدارة الحكومية بمفهوم ربما يختلف عما عهده الأردنيون خلال عقود .
ما يهم المواطن الأردني هو تحسين الوضع الاقتصادي والمعيشي ومحاربة البطالة والفقر, وبما يحفظ الأمن المجتمعي ويعزز شبكة الامان الاجتماعي والقدرة على حماية الطبقة الوسطى ,وهي قضايا تبدو الركيزة الأساس في عمل الحكومة الجديدة بما يكفل هيبة الدولة ومؤسساتها.
التميز في الأداء الحكومي و المساءلة والشفافية في جميع مناحي الخدمة العامة وتوسيع نطاق اللامركزية.. عناوين عريضة لحكومة الرفاعي, وهو ما سوف يحكم عملها في الأيام القادمة, منطلقة من تحقيق الطموحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للمواطنين ، والتسريع في تطوير البنى التحتية والمشروعات الكبرى ذات الأولويات الوطنية .
إن توسيع المشاركة السياسية وتجذير الديمقراطية يتأتى من خلال قانون انتخاب نيابي عصري ,يضمن حق الجميع في المشاركة والاختيار بعيدا عن الفئوية والجهوية ,والانتخابات النيابية المقبلة يجب أن تكون أنموذجا في الشفافية والنزاهة والحيادية وهو ما يحقق الرؤية الملكية بوجود عمل نيابيّ فاعل ، وقادر على القيام بواجباته الدستوريّة ، بحزم ومسؤوليّة.. فعلاقة السلطتين التنفيذية والتشريعية يجب أن تكون تكاملية .. مع استعادة دور القوى والأحزاب السياسية المختلفة، التي مهما اختلفت مع الحكومة فإن وجودها يعطي الحياة السياسية والإعلامية زخما كبيرا.
البعد العربي والقومي لم يغب عن خطة عمل الحكومة الجديدة, فهي بذلك ستكون السند الرئيس للجهد الملكي خدمة لقضايا الأمة وعلى رأسها القضية الفلسطينية, والتعاون مع مؤسسات العمل العربي المشترك,وكذلك البعد العالمي والإنساني ,والتعاون مع دول المنطقة والإقليم بما يحقق المصلحة والوطنية.
البداية أمام هذه الحكومة واضحة ، وأولوياتها محددة، ,والحكم عليها بمقدار ما سوف تحققه من طموح ورؤى إلى واقع ملموس يشعر به كل مواطن في هذا البلد .. وحكومة الرفاعي يجب أن تأخذ فرصتها الكاملة كغيرها من الحكومات التي سبقتها .. والتفاؤل مطلوب في هذه المرحلة... فربما سهام النقد طالتها منذ اليوم الأول .. لكن نحن ندرك أن أمامها قرارات صعبة يجب أن تتصدى لها .. فدعوها تعمل وليكن حكمكم عليها في قادم الأيام.
Ibrahim.z1965@gmail.com