الاغتيالات السياسية هي حكاية تزخر بالمشاهدات والاحداث سواء اغتيالات سياسيةعرفت أسبابها او بقيت مجهولة أو إنتقام أو ردة فعل على أمور سابقة .
كانت جرائم الاغتيال كثيرة حتى يومنا هذه ومعظمها مميزة وبعضها غريبة الاطوار ولعل أبرزها كانت أغتيال الرئيس المصري أنور السادات وهي المعروفة بإسم حادثة المنصة وأشهرها لدقة تنفيذها وأهمية الرئيس المستهدف .
وحفل الوطن العربي بالكثير من الاغتيالات مثل إغتيال الشيخ احمد ياسين والدكتور عبد العزيز الرنتيسي أبرز قادة حماس ولكن من أبرز الاغتيالات أغتيال الملك عبد الله الاول بن الحسين رحمه الله وقد وقد دفع ثمن نتيجة صراحته المبالغ فيها ودفاعه عن وجهه نظره بحزم وعناد ولا يجامل ولا ينافق ولا سيما في الشؤون الدينية والسياسية ،وقد ساعد ذلك على كسب الخصوم والاعداءوربما كانت هي أحد الاسباب التي جنت عليه وكان أصراره ومطالبته بتحقيق الوحدة العربية والمناداة بمشروع سوريا الكبرى ورغبته في حل المشكلة الفلسطينية .
وكان الملك عبد الله رحمه الله يرى في الانكليز عدواً لا بد من صداقته وحليفاً لا يستغنى عن مساعدتهم له،وكانت رؤيته ان العرب يجب أن يكون لهم وحدة أو اتحاد وإن سوريا واللبنان والاردن يؤلفون وطناً واحداً لا يجوز تجزئته ، وزيادة في الرؤية إنتقاده لبعض زعماء العرب لسياستهم الخطأ التي يمارسونها التي لا تستند الى خطط مدروسة بل وتستفز مشاعر شعوبهم وعواطفهم وإخفاء الحقائق عنهم ليس بمصلحتهم ،مما آثار حفيظتهم عليه .
قرر الملك عبد الله زيارة القدس والصلاة فيها في المسجد الاقصى المبارك وفي تلك الليلة تلقى الرسالة المجهولة وبلغ السفير الامريكي ان هناك مؤامرة على حياته إنتقاماً لمقتل رياض الصلح في عمان وعمل البعض على اقناع الملك عبد الله أن يعدل عن سفره الى القدس لكن الملك اصر على الزيارة كما خطط لها .
وزار الملك عبد الله رام الله ونابلس وبعدها الى القدس لأداء صلاة الجمعة ورفض رفضاً قاطعاً وجود حرس أو جنود في حرم المسجد .وفي ذلك الوقت برز الرجل من الباب الكبير فأطلق الرصاصة على رأس الملك عبد الله رحمه الله وتدحرجت عمامته على ارض المسجد والذي كان يرافقه الملك حسين رحمه الله والذي نجى من الموت بأعجوبة ،وأستطاع الحرس قتل القاتل الذي عرف اسمه فيما بعد بأسم مصطفى عشو .
وكان حينها سمير الرفاعي وزيراً للوزراء فأستدعى قيادات الجيش العربي وأعلنت حالة الطؤارىء في القدس ونزل الجيش في العاصمة عمان واتخذت كل التدابير الأمنية خوفاً من الفوضى والاضطرابات بين المواطنين .
لقد كان موت الملك عبد الله صاعقة قوية وزلزالاً رهيباً ولكن كانت الانتصارات في الحي اليهودي واضحة في القدس فعمت المظاهرات بإغتنام الفرصة واحتلال القدس ولكن اغتيال الملك عبد الله كا ن أمراً محزناً على البلاد العربية التي كانت تدرك تضحيات الملك عبد الله رحمه الله ،وتبقى مؤامرة الاغتيال ذكرى سوداء في تاريخنا وظل السؤال من الذي قتل الملك عبد الله رحمه الله بعد كفاحه المستمر وظل السؤال معلقاً لم يجد إجابة شافية .يبقى مجمل الاغتيالات في الوطن العربي مبهمة ،وذكر الملك حسين بن عبد الله رحمه الله في كتابه مهنتي كملك عن سلسلة لتلك المحاولات التي دبرت لأسقاط نظام الحكم في الاردن .
وبعدها اغتيال المرحوم هزاع المجالي عام ٢٨/اب/١٩٦٠ م وبعدها اغتيال المرحوم وصفي التل رئيس وزراء الأردن الذي حمل هموم الوطن والأمة وكان لا يعرف المجاملات وكان شديد الوضوح في تعامله مع منظمة التحرير الفلسطينية وكان من أهم أولوياته سيادة الاردن على أرضه وكان ناضجا سياسيا وفكرا وقولا وفعل عمل بكل ما تحمله الكلمة ولن ننسى من معاركه في النضال ومشاركته في قيادة اللواء الرابع اليرموك التابع للجيش الانقاذ في حرب ١٩٤٨م ومعركة الشجرة الذي أصيب بها وصفي في ساقه وقد سقط وصفي شهيدا للواجب والحق وإن كانت هذه الرصاصات أصابت وصفي فإنه بقي الى اليوم رجلاً لم تأتي النساء بمثله ومثالا التضحية والوفاء.
ولن ننسى من مجمل الاغتيالات اغتيال ملك العراق فيصل الثاني عام ١٩٥٨م واغتيال رئيس جمهوريه العراق عبد السلام عارف ١٩٦٦م واغتيال الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود عام ١٩٧٥م الرئيس اليمني ابراهيم الحمدي ١٩٧٧م وخليفته احمد العشمي في العام التالي وكلها جرت نتيجة تصفية للخلافات سياسية. وعلى كل حال ان الاغتيالات السياسية في كل البلدان لا تعبر الا تعبيرا عن العجز القوي التي تقوم به وهذه الاغتيالات لا توقف الحياة والمسيرة بل تكون حافزا للشعوب للمسير الى الامام والاصرار على المواقف والثوابت
التي نتبعها.
حمى الله لنا أسرتنا الأردنية والأسرة الهاشمية وابعد الله عن بلدنا كل ما يعكر صفوه وأدام الله السعادة في اردننا الحبيب
amalkurdi77@yahoo.com