عمون - كلام الملك لرئيس الحكومة واضح جدا ، وهناك اثنان وثلاثون خطا وتوجيها ، تقول لك ما الذي سيحدث خلال الفترة المقبلة على اكثر من صعيد.
رئيس الوزراء جاد ، ورده على خطاب التكليف احتوى على دلالات قاطعة عمليا وليس لغويا حول ان الحكومة سُتنفذ ما يريده الملك ، والجماعات التي تظن ان الرئيس سيتراجع تحت وطأة "التهويب" ، جماعات لا تعرف ان كلفة "التهويب" محسوبة ومعروفة جيدا ، وبشكل مُسبق ، وليس غريبا ان يتم حساب كُلفتها والاستعداد للتعامل معها ، ولن يتم السماح لها بقطع الطريق ، كما كل مرة ، على ما سيتم تنفيذه خلال الفترة المقبلة ، ورئيس الحكومة يعرف انه امام مهمة ليست سهلة ، وان التشويش على حكومته بدأ منذ اليوم الاول ، لكنه لن يتراجع ، ولن يخذل الملك.
حسنا ما فعلته الحكومة بشأن توسعة مصفاة البترول ، والقضية ليست مطعناً في ذمة الحكومة السابقة ، لا سمح الله ، والقضية تتعلق بمزيد من الوضوح والشفافية ، واعادة تعريف الاشياء سيشمل قضايا سياسية واقتصادية واجتماعية واعلامية ، ومن المتوقع ان تحدث هناك مقاومة لكل هذه التغييرات ، وهي مقاومة سُتغذيها اتجاهات مُحددة ، وأطقم نخبوية تريد افشال الجدية هذه المرة في الاصلاح والتغيير في الاردن ، لحساباتها الضيقة ، وهي تعتقد مرة ثانية ان مبدأ "الصوت العالي" الذي ربما سنسمعه قريبا ، او التهويب ، سيؤثر ويجعل التوجه يضعف ، وسيجعل الحكومة تتراجع ، كما تراجع غيرها.
ما اعرفه ان الحكومة ستكمل مُهمتها حتى النهاية ، وبمعايير شفافة ومحترمة على اكثر من صعيد ، وهي لن تتجاوز المعايير الاخلاقية ، ولن تنال من الشفافية ، لكنها ستقف مطولا عند ممارسات كثيرة ، تم توارثها عبر سنين طويلة.
مهمة الرفاعي صعبة لانه امام انتاج معايير جديدة ، سيتضرر منها كثيرون على اكثر من صعيد ، وكل متضرر لن يسكت ، ومهمتنا اليوم ليس التصفيق لرئيس الحكومة لاسباب شخصية ، وانما الانحياز لما يريده الملك ، الذي اطلق العنان لتغييرات كاملة بنيوية ، فيما تعرف الحكومة وتفهم لماذا تتردد جهات عديدة في الوثوق بما ستفعله الحكومة ، فقد تراجعت حكومات سابقة تحت وطأة التسخين والتهديد ومقاومة التغيير ، ومن يقاومون التغيير في الاغلب يقاومونه لاسباب شخصية بحتة ، ولمصالح ضيقة ، وليس من اجل الاردن ، الذي يستحق ان نقف الى جانبه.
نحن امام مرحلة حساسة جدا ، والكلام الطيب فيها ليس تملق هذا المسؤول او ذاك ، وانما فهم خطاب التكليف السامي وما احتواه من اشارات جاءت كخلاصة لعشر سنوات من حكم الملك عبدالله الثاني ، وهي خلاصة ستتم ممارستها على ارض الواقع ، عبر قرارات عديدة ، واجراءات مختلفة ، دون ان يعني هذا عودة الى معايير مُترددة ، او الى مراحل مضطربة ، وعلى العكس هناك رفع لمستوى المعايير مع ربطها بقيم اخلاقية على كافة المستويات.
يمكن القول بحق اننا امام انتهاء لقصص المراحل ، ودخول حقيقي نحو الاردن الذي يعنينا بهمومه ومصالح شعبه اولا.
الرفاعي لن يضيره النقد المحترم ، ولن يفيده المديح ، فلم يأت حتى يتحسس من الاولى ، او يتطلب الثانية ، وهو جاء وامامه اثنان وثلاثون عنوانا في خطاب التكليف ، ودوره مع اعضاء مجلس الوزراء ان يقوموا بتحويلها الى واقع حياتي وتشريعي ، اما محاولات عرقلة الحكومة لافشالها ، فهي متوقعة ، كما حدث مع غيرها ، غير ان الفرق اليوم ، ان العرقلة لن تكون مسموحة.
من يعش ير،.