فهد الخيطان .. قوى محلية واجنبية تضغط من اجل برلمان قائم على مبدأ المحاصصة الديمغرافية
فهد الخيطان
16-12-2009 02:32 AM
** اصلاح سياسي من دون توطين. .
عمون - كان دعاة المحاصصة والطامحون الى تحويل الاردن "الدولة" الى "سلطة" يأملون بأن يكون التغيير الحكومي فرصة لبعث الحياة بمشروعهم السياسي الذي مني بالهزيمة العام الماضي, ولحسن الحظ لم يحدث ذلك فقد خلت الحكومة الجديدة من رموز ذلك التيار, وحمل كتاب التكليف السامي وبيان حكومة الرفاعي ما يشبه المحاكمة لسياسات "الديجيتال" واعادة تعريف مفاهيم الاصلاح والتحديث وفق معايير واعتبارات وطنية.
لكن ما حصل لا يعني نهاية المواجهة, فالاشهر المقبلة ستكون حاسمة وستبدأ مواجهة جديدة عنوانها الاصلاح السياسي وقانون الانتخاب تحديدا. لقد نجح رموز الليبرالية الجديدة في الخارج في تكريس مفهوم اوحد للاصلاح يقوم على مبدأ تقاسم السلطة في الاردن مناصفة بين مواطنيه من شتى المنابت والاصول من دون اعتبار لمفاهيم الديمقراطية القائمة على حياة حزبية ينخرط فيها ابناء الشعب بعيدا عن ثقافة المحاصصة التي فجرت حروبا اهلية في جميع الدول التي اخذت بهذه الوصفة الكارثية, ومن دون اعتبار ايضا الى ان الصراع العربي مع العدو الصهيوني ما زال محتدما على كل الجبهات حيث تبددت فرص السلام التي لاحت من قبل.
سيسعى تيار المحاصصة والتوطين الى توظيف الموقف الامريكي والاوروبي "نسبيا" للضغط على الاردن للقبول بقانون انتخاب قائم على المحاصصة الديمغرافية وليس السياسية وفي كل المناسبات التي يجتمع فيها مسؤولون اردنيون مع نظرائهم الغربيين لا يسمعون منهم غير هذا المطلب "الاصلاحي" عند الحديث عن تعديلات قانون الانتخاب. الدوائر الامريكية المتحالفة مع اسرائيل لا تتبنى هذه المطالب من باب الحرص على الديمقراطية والمساواة وحقوق المواطنة في الاردن وانما لمعرفتها الاكيدة بأن تصفية القضية الفلسطينية تبدأ بالتوطين.
وقع الاردن في خطأ فادح عندما قبل توقيع معاهدة مع اسرائيل تتضمن بندا صريحا يساهم في التوطين وعليه ان يسعى الى مراجعة هذه المادة وشطبها من المعاهدة بالطرق القانونية.
لكن على الحكومة الجديدة ان تتبنى مقاربة سياسية جديدة تضمن السير في مشروع الاصلاح السياسي من دون الرضوخ لاجندة دعاة التوطين في الداخل والخارج وتحمل النتائج الاقتصادية والسياسية المترتبة على ذلك, وعليها ايضا ان تعيد النظر في اسلوب ادارة العلاقة الاردنية الفلسطينية بالانفتاح على القوى الفلسطينية الرافضة للتوطين. لان ذلك يساهم في تعزيز الجبهة الداخلية ويعزل الاصوات التوطينية المرتبط معظمها بسلطة رام الله.
ان الاستسلام للمخاوف سيفضي الى احتمالين الأول القبول بمشروع المحاصصة وهذا مرفوض باجماع وطني ورسمي, والثاني: الامتناع عن اتخاذ خطوات اصلاحية في قانون الانتخاب واللجوء الى وسائل غير قانونية في "تركيب" البرلمان, فكلا الخيارين كارثة, فالاول وصفة لحرب اهلية تقضي على الدولة والثاني يعني بقاء القديم على قدمه والحكم على عملية الاصلاح السياسي بالفشل.
الدولة الاردنية لا تحتمل هذا ولا ذاك وتحتاج الى خيار ثالث - ممكن وبقوة - يحقق اهداف الاصلاح السياسي من دون المس بثوابت الاردنيين والفلسطينيين.
fahed.khitan@alarabalyawm.net
عن العرب اليوم