تقر معظم القيادات الفلسطينية أن اتفاق اوسلو بدأ يمرض ويموت مع بداية الالفية الثانية، أي مع مجيء ارييل شارون للحكم والذي حاصر الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات واغتاله بالسم، كان شارون يعلم أن موت عرفات لا يعني اغتيال اتفاق «اوسلو» المرحلي فحسب بل اغتيال فكرة السلام من اساسها وتحويل اتفاقات اوسلو المؤقتة السياسية والامنية والاقتصادية إلى قيد على الفلسطينيين ويحرر إسرائيل من مهمة إدارة حياة أكثر من 3 ملايين فلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، وبهدوء وبغطاء أميركي تحولت اتفاقيات اوسلو المؤقتة إلى اتفاقيات أمنية وتنسيق أمني فقط، في الأسبوع الماضي قال لي عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة واللجنة المركزية لحركة فتح عزام الأحمد إن «اوسلو» مات وأن المطلوب التفكير في كيفية التعامل مع الواقع الجديد.
إن موت «اوسلو» وبالتوازي مع موته، موت حل الدولتين يفرضان بصورة أو باخرى محددات سياسية على الأردن، فانسداد افق الحل السياسي غرب النهر يجرد الاشقاء الفلسطينيين من هامش المناورة السياسية المتاحة لهم وتحديدا أمام منظومة حكم يمينية متطرفة مازال على رأسها بنيامين نتانياهو والأحزاب الدينية والتي تؤمن إيمانا مطلقا بأن شرق نهر الأردن هو «جزء من أرض الميعاد» وهو جزء من وعد بلفور المشؤوم، وتعلن تلك المنظومة وعلى رؤوس الأشهاد أن الخيارات المتاحة للتعامل مع واقع موت «اوسلو» هو احياء خيار الوطن البديل في الأردن، وما تصريحات نتنياهو عن نيته ضم المستوطنات في الضفة الغربية بعد إعلان ترمب اعتبارها شرعية وجزءا من «أرض إسرائيل» بالإضافة إلى نيته ضم غور الأردن لا يمكن التعامل معهما إلا على أنهما خطوتان مدروستان بدقة بين إدارة ترمب «الانجيلية – المتصهينة» وبين منظومة اليمين الحاكم في إسرائيل لإيجاد حلول ما على حساب الأردن والدولة الأردنية.
في مقابل هذا المشهد يوجد قوة اخرى داخل واشنطن ترفض موت «حل الدولتين» وترفض طروحات نتنياهو وهي بصورة او باخرى رصيد ذهبي لجلالة الملك عبد الله وللدولة الأردنية، أنها قوة الحزب الديمقراطي الذي يذكرنا بالفترة الذهبية بين الأردن وإدارة بيل كلينتون، ففي المناظرة الخامسة بين المرشحين الديمقراطيين في لوس انجلوس للرئاسة وتحديدا بين ساندرز والمرشح جون بايدن نائب اوباما، ظهرت خلال تلك المناظرة اراء حيوية وإيجابية تجاه القضية الفلسطينية، فالأول وصف نتنياهو بأنه عنصري، أما جو بايدن فقال: لا يوجد هناك حل لإسرائيل سوى حل الدولتين ولا يوجد حل آخر.
ما زالت ثقافة السلام التي يتحدث بها جلالة الملك هي الثقافة السائدة في أميركا رغم النفوذ الانجيلي - الصهيوني.
(الرأي)