الأمن العام تحت مجهر الرقابة
نضال منصور
29-12-2019 01:03 PM
حدثان سيطرا على وسائل التواصل الاجتماعي في الأردن الاسبوع الماضي، وكانا سببا في جدال واسع واستقطابات وتجاذبات سياسية .
الحادثة الاولى كانت في الفيديو الذي صور لمدير الامن العام الجديد ويظهره يتعامل “بقسوة” مع مواطن، ولم تفهم الملابسات وراء اوامر مدير الامن للشخص بالانبطاح على الارض.
بعد تداول الفيديو تعرض المدير الحواتمة لهجوم وانتقادات في السوشل ميديا، ونشر موقع “هلا اخبار” على لسان مصدر مطلع تفاصيل ما حدث.
المصدر افاد ان مدير الامن العام كان عائدا من مدينة مأدبا دون مرافقة امنية، مشيراً الى انه فوجئ بمركبة مطفأة الانوار تسير خلف مركبته بشكل غير مستقيم على طريق المطار.
وتابع قوله “ان مدير الامن ظل يسير للامام قبل ان تتقدم المركبة بطريقة متهورة، موضحا أن اللواء الحواتمة أخذ طريقا فرعيا وفوجئ بمركبة تسير بطريقة معاكسة مما ادى لقطع الطريق امامه .”
وبين المصدر ان مدير الامن طلب من ابنيه حمايته وهو ينزل من السيارة، حيث ان السلاحين اللذين كانا بحوزتهما يعودان للحواتمة .
الرواية الامنية اشارت الى ان الحواتمة فور نزوله طلب من الشاب أخذ الارض كإجراء احترازي، وعندها فوجئ بسائق السيارة المعاكسة ينزل ويعرف على نفسه على انه رجل امن .
الرواية الأمنية تظهر ان ما تعرض له الحواتمة مبيت ومخطط له، وليس صدفة عابرة، وتبين ان الحواتمة حسب الوصف استشعر خطرا داهما، ولهذا طلب من ولديه حمايته.
والرواية الأمنية توحي وكأن هناك من سعى لاستدراج الحواتمة، ووضعه بصورة تسيء له بشكل متعمد بعد ايام ليست كثيرة على تعيينه مديرا للامن العام ودمج جهازي الدرك والدفاع المدني تحت إمرته .
معلقون على الحادثة لمحوا الى ان التصوير عرض بشكل مجتزأ ومعد سلفاً، وهو ما يعزز فرضية الفعل المدبر، وكأن هناك فخا نصب للباشا الحواتمة، وهو لم يتوقعه.
وإذا اتفقنا ان الرواية الأمنية صحيحة، وهي ليست للدفاع عن مدير الامن وتبرئة ساحته، فإن الحادثة تطرح اسئلة تتجاوز شخص مدير الامن وترتبط بقواعد الاشتباك، والبروتكولات الامنية الواجبة التطبيق، والحقوق المستحقة لأي انسان حتى ولو كان مخطئا، او مثيرا للشبهات .
ربما شعر الحواتمة بخطر داهم في لحظة ما، او بشكوك ان حياته في خطر، وهذا امر جائز وممكن الحدوث، ولكن في اللحظة التي تبين له ان الشاب اعزل ولا يشكل خطرا يتهدده كان عليه ان يحتوي الموقف، ويلتزم بقواعد انضباط صارمة تعلي من قيم حقوق الانسان، لتقطع الطريق على المتربصين به، وتقدم نموذجا يحتذى به عند رجال الامن العام الذين يرأسهم .
قصة الحواتمة مرتبطة بشكل او بآخر بالفيديو الذي اظهر رجال امن عام يلقون القبض على شخص بشكل عنيف، ويشتبكون مع آخرين يقومون بتصويرهم .
الامن العام بين ان الحادثة قديمة وتعود لشهر سبق، وان الشخص مطلوب للعدالة .
لا أحد يشكك بتوضيح الأمن، ولكن الناس يعترضون ويحتجون على السلوك العنيف بحق المطلوبين حتى ولو كانوا مجرمين .
يعلم الأمن العام قبل غيره ان السوشيل ميديا قد وضعت بيد جميع الناس ادوات رقابة فورية، وسواء اعجبهم ذلك او لم يعجبهم، وحتى لو وجد البعض انه يعطل دور جهات إنفاذ القانون، او قد يشوه صورتهم، او يستفزهم في لحظات صعبة من عملهم، فإن الحقيقة التي لا مفر منها ان الجميع اصبح تحت مجهر المراقبة، وان زمن اخفاء الحقائق قد ولى .
ما هو مطلوب من مدير الامن العام وكافة قادته الآن اكثر من اي وقت مضى الالتزام بمدونة السلوك الخاصة بالموظفين بإنفاذ القانون، وهي مدونة اقرتها الامم المتحدة وتفرض احترام حقوق الانسان، واتباع معايير لا تقبل النقض، او التبرير لارتكاب انتهاكات حقوقية .
مطلوب من الامن العام تدريب منتسبيهم في الميدان على التعامل مع الناس في كل الاوقات، وحتى في اللحظات الصعبة والحرجة، والقدرة على ضبط النفس واحتواء حتى “الفضوليين” ممن يتواجدون في كل مكان .
الغد