موازنة الحكومة .. يا داده ؟
د. عدنان سعد الزعبي
28-12-2019 10:28 PM
عندما غنت سميرة توفيق اغنية سرب الحمام مغرب , كان الكورس يرد قائلا :... ياداده. وهذا كان دوره فقط طيلة الاغنية , وهذا ما ينطبق علينا نحن الشعب الاردني , فلا علاقة للموازنة بنا غير ترداد يا داده .!!
فمن الواضح ان موازنة عام 2020 لم تختلف عن سابقاتها رغم كل البهلوانيات والمؤتمرات والحزم والتصريحات والبرامج التي اخرجتها لنا هذه الحكومة، وتكاد ان تكون يوميا ، بتمثيليات بالية ، مضحكة .رسمت عنوانها قبل اطلاقها. فمنذ تسلم هذه الحكومة مسؤولياتها وهي تمطرنا يوميا ببرامج وخطط واستراتيجيات لم نشهد اي انعكاس ايجابي لها على الساحة ، بل , ظهرت نتائج خطيرة , كادت ان تعبث بالوطن لولا فراسة المواطن الذي يؤمن بوطنه واهمية سلامته واستقراره ويحب وطنه وقياته.
فهذه الحكومة تصرفت وما زالت باسلوب ارعن ضعيف الخبرة تعمل بلا استراتيجية واضحة راسخة ورازنة ذات نتائج ملموسة وواضحة , فسنة من عمر هذه الحكومة كانت كفيلة على الاقل في ايقاف هذا التدهور في الواقع الاقتصادي الذي استمر وبالتراجع رغم كل الاجراءات القمعية التي اصدرتها من ارتفاع الاسعار والضرائب ,وتناقض الاقوال والاهداف مع الافعال ، خاصة بعد ان استغلت جرائم الحريات التي صنعتها الحكومات واودت بكل قواعد الصناعة الاعلامية في الاردن . ونحن لسنا بعيدين عن ازمة التناقض والضعف التي حدثت مع نقابة المعلمين التي بررتها الحكومة بعدم قدرة موازنتها على دفع الزيادات , وولايتها التي لا تقبل لي ذراعها ، لنجدها وفي يومين تخصص مبالغ طائلة للمتقاعدين لتخلق ازمة مالية واجتماعية وسياسية بين المواطنين ولتخضع نهاية المطاف لمطالب المعلمين بشروطهم ومطالبهم.
وليظهر تخبط هذه الحكومة في ادارة هذه الازمة وعدم قدرتها التعامل مع ابنائها ولتفشل في جعل وزارة التربية وهي المعنية في التعامل مع ابنائها وإدارة هذا الحدث , حتى جاء ( وزير الوطن ابو يامين ) لينقذها من هذه (العلقة ) المؤلمة التي وقعت بها حكومة الرزاز ، وارضاء المعلمين الذي لم يكن مطلبهم من المريخ ولا تطلعاتم تسكن في القمر.
المتطلع الى الموازنة لعام 2020 يجد وبلا اي عناء ان موازات الدولة ما هي الا نسخ مكررة تغيب عنها الافكار الخلاقة للنهوض بهذا الاقتصاد الوطني وتعكس سياسة ابداعية للحكومة في المجال الاقتصادي . وكل ما وجدناه ان العجز يزداد وان التوجه هو المزيد من الاقتراض , وان العبيء المالي على المواطن يزداد . وان كل الذي اهلكنا به الرزاز وفريقه حول الاستثمار وانعاش الاقتصاد وصموده والاستراتيجيات والمشاريع والخطط كان مجرد كلام واوهام , وعبارات ومجاملات أوهمتنا باننا نحو الامان , بالضبط كما تحدث لنا عبدالله نسور بزمانه والملقي بايامه !!! . فالكل يصدح بالتصريحات التي لم نجد لها على ارض الواقع وجود.
تلمح الموازنه ان المديونية الاردنية سوف تزداد لتتجاوز 97% من الناتج المحلي الاجمالي وستكون فوائد الديون بحوالي 1,23 مليار دولار لعام 2020 ,و حوالي 1,32 مليار لعام 2012 ... وهذا يمثل تزايدا في الفوائد . وكان من المفروض ان تقل هذه الميديونية لتقليل الفوائد باعتبار ذلك اول خطوة ايجابية في شفاء اقتصاد وطننا , لكن التلميح والحديث من اعوان الحكومة بعدم وجود اي اشكالية بزيادة الاقتراض فهذا انتحار لان الاقتصاد المثقل لا يمكن له الحياه والشفاء بدون خطة واضحة لتقليل هذا العبيء الاكبر .
المشكلة الثانية تكمن في الاستثمار الذي يجب ان يكون الاساس في تركيز الحكومة , فمواجهة الفقر والبطالة يعالج بالاستثمار , ولا نجد في الموازنة نوايا حقيقية للاستثمار , على اعتبار ان تخصيص مبالغ معقولة للمشاريع الراسمالية في الموازنة هي اساس تحريك الاقتصاد لان تقوية امكانية المواطنين على الشراء وممارسة النشاط الاقتصادي يحتاج الى دخل والدخل يتطلب فرص عمل او تقليل الضرائب او زيادة الرواتب . وهي جميعها غير متوفرة.
لا اعرف على ماذا ستعتمد الحكومة لدعم الواقع الاقتصادي , وماذا سيقدم لهم هذا الواقع الذي اشبه ما يكون بالتنظيري المليء بالوهم.
ما زالت الحكومة ورئيسها يعيشان مرحلة يسيئون فيها الى كرامة الناس ومفاهيم العدالة والمساواة، وما زالت تعطينا من راس اللسان حلاوة وتوروغ عنا كما يروغ ... فهذه الحكومة جسدت مظاهر سلبية اساها الشللية والصداقة والصحبة وابتعدت كثيرا كثيرا عن حقيقة الصادقين المخلصين القادرين . اعتقد ان االرزاز بحقيقة نفسه يعلم ويعي ما اقوله , فقد بقي من عدته، شهور قليلة جدا ,حيث يعدها الناس باليوم والساعة كما عدوها لغيره من زعماء الحكومات السابقة.