عمون - تشكلت الحكومة ، بعد ستة ايام ، وتقف اليوم امام مهمات صعبة ، على اكثر من صعيد ، خصوصا ، على الصعيد الاقتصادي ، وبقية الصعد.
دلالات الاسماء مهمة بالنسبة للبعض ، من جانب مغازي التوزير ، وما هو مهم حقا ، هو رد الروح الى الناس ، واخراجهم من مصاعب حياتهم ، في ظل تدني الدخول ، وفقدان القيمة الشرائية للدينار ، والموظف الحكومي الذي يعمل ثلاثين يوما مقابل ثلاثمائة دينار لا تأتي حتى معجنه بالخبز ، بحاجة الى من يراجع وضعه جذريا ، على كافة الصعد ، حتى لا نصحو وقد تحولت الطبقة الفقيرة الى طبقة مسحوقة فوق فقرها.
الهيبة تتأتى من الاجراءات وليس من الدلالات والاسماء ، والمواطن ينتظر اجراءات على الارض ، لرد الامور الى نصابها في كثير من القضايا ، وقيل دائما ان كل الدول قد تُحرر كل القطاعات ، لكنها تترك قطاعي التعليم والصحة على سبيل الدعم الاجتماعي.عندنا الوضع مختلف فقطاع التعليم اهلك الناس ، وسلب الدنانير القليلة المتوفرة في جيوبهم ، وبات تعليم طالب سببا في افلاس رب العائلة ، وصاحب الحظ السيئ من لديه اكثر من ابن في الجامعة ، فيما قطاع الصحة يعاني من ضغط واختلالات شديدة ، كما ان نسبة كبيرة من الاردنيين غير مؤمنين صحيا.
ما يتوقعه البعض هو رد الروح ايضا الى دور رعاية الدولة كثير من القطاعات. المال قليل ربما. غير ان التحفظ لايكفي ان تبرز دلالاته عبر الاسماء واعادة تفصيل المسافات بين المؤسسة الرسمية والناس ، فحزمة التحفظ بحاجة الى اعادة متوازية في ذات التوقيت لادوار اخرى للحكومات ، الحكومة ربما عليها ان تُسدد ديون الجامعات والبلديات والقطاع الصحي ، وتعيد انتاج دور هذه القطاعات ، بما يجعل التعليم والعلاج والخدمات للناس ، امرا متاحا.
من يقول ان الرئيس ليبرالي اقتصاديا ومتحفظ سياسيا واجتماعيا ، عليه ان يتذكر ان اشتراطات الموقع ودلالاته لم تعد مربوطة فقط بالصورة والاداء الذي يقدمه رئيس الحكومة فقط شخصيا. هناك حريات عامة ، وهناك مدرسة تكرست منذ عام 89 تسمح لك بأن تقول ما تشاء ، وتبدي رأيك شعبيا وعلى مستوى الاعلام والاحزاب وبقية مُدخلات العمل السياسي ، وكل هؤلاء معا يُشكلون صورة ، وانطباعا لكنهم لا يشكلون حقائق على الارض. الحقائق يشكلها فقط الاجراء على ارض الواقع ، وما لم يلمس الناس اجراءات حقيقية للتخفيف عنهم من كمد الحياة ومصاعبها ، فان فرصة التبرير والاقناع تبقى محدودة.
يستحق رئيس الحكومة فرصة للصبر عليه قليلا ، غير ان القضية ليست شخصية ، وقضايا البلد لاتحتمل الانتظار مع موازنة تعاني من مشاكل خطيرة ، ومن اطلالة عام مقبل اصعب. وما ينتظره الملك حقا من الرئيس ، الكثير الكثير ، وعلى اساس مسطرة الملك نقيس الاشياء اولا واخيرا ، لاننا نعرف انه يريد مواجهة فعلية مع استحقاقات المرحلة المقبلة ، دون ان تكون هذه المواجهة عنوانها الهتاف للشخص ، وانما البرنامج والخطوات التي سوف تُتخذ على الارض.
ستة ايام اشغلت الاردن ، والتركيبة الحكومية تنوعت الاراء حولها ، ما بين من اعتبرها خارقة ، ومن اعتبرها تركيبة رسائل وظلال ، وبين من يطلب الصبر وعدم شخصنة الموقف من الحكومة الجديدة ، كل هذا حسن ، والناس احرار في مشاربهم.
لنصبر ونتأمل،.
mtair@addustour.com.jo