من الفقر الى التميز والارتقاء
يوسف عبدالله محمود
28-12-2019 02:18 PM
قبل عدة أيام عُقدت في مؤسسة شومان ندوة لتكريم الدكتور محمد احمد حمدان صاحب العلم الغزير والذي حظي بالتكريم من المغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال ومن بعده جلالة الملك عبدالله الثاني الذي منحه وسام التميّز من الدرجة الاولى.
الدكتور محمد احمد حمدان أمد الله في عمره الذي عمل وزيراً للتعليم العالي اكثر من مرة ورئيساً لعدة جامعات اردنية نشأ فقيراً، فوالده كان سائق تكسي مع احترامي لأصحاب هذه المهنة، والمقصود انه كان كادحاً.
في الندوة تحدث الاستاذ عدنان ابو عودة رئيس الديوان الملكي الأردني الأسبق عن مناقب هذا الرجل وهو الذي زامله في الدراسة، أشاد بتميزه على جميع أقرانه.
تحدث عدنان ابو عودة عن والده أيضاً فذكر انه كان عاملاً في مصنع صابون بنابلس المحتلة.
لطالما كان الفقر سُلماً للصعود والتميز. محمد احمد حمدان وعدنان ابو عودة –مع حفظ الألقاب- ينطبق عليهم المثل القائل: "لا بُد دون الشهد من إبر النحل"، والمعنى ان من رام العُلى سهر الليالي.
وهنا اشير الى مشهد آخر رأيته بأم عيني حين زرت عياد طبيب جراحة الاعصاب الدكتور ابراهيم آدم المعروف بتميّزه الدراسي. لفتت انتباهي صورة طالب مدرسة بثياب رثه مُعلقة على مدخل العيادة، وحين سألت هذا الطبيب عن صاحب هذه الصورة أجابني باعتزاز: إنها صورتي حين كنت في مدرسة لوكالة الغوث علقتها على مدخل العيادة لأثبت للزائرين ان الفقر ليس عيباً. أبي –والكلام له- كان عاملاً في أمانة عمان.
أمثال هؤلاء الذين عُرفوا بالتميّز في دراستهم لم يخجلوا من فقرهم في بداية حياتهم. سِيَرهم الذاتية تعظ وتعلم الاجيال الصاعدة ان من جد وجد ومن سار على الدرب وصل.
أتساءل اليوم: لماذا اختلف حالنا عن أيام زمان؟ لماذا تراجعت عادة "القراءة" عن الكثير من أبناءنا الطلبة؟ مُغريات الحياة صرفتهم عن الدراسة الجادة.
سقى الله أيام زمان بحلوها ومُرها، أيام زمان خلفت رجالاً تميّزوا بعلمهم وعطائهم ونبلهم الانساني.
كم في حياتنا اليوم من مفارقات! كم فيها من عيوب نبصرها ونتغاضى عنها.