في عاداتنا الضاغطة: يَسّروا ولا تُعسّروا
محمد الداودية
28-12-2019 01:02 AM
وإذ يزداد عدد مواليدنا بمتواليات رقمية، فإن الوجه الآخر للولادة والحياة هو الموت. وازدياد اعداد المواليد، يعني ازدياد اعداد الوفيات. هذا هو التوازن الرباني الذي جعل الحياة على الأرض ممكنة. فالموت ضرورة من ضرورات الحياة.
لم يعد بوسع المرء منا القيام بواجبات العزاء والمواساة المتزايدة -على أهميتها الدينية والاجتماعية والإنسانية والوطنية- حتى في محافظة عمان التي نسكنها، فما بالكم بتقديم واجبات العزاء في محافظاتنا، وقدوم اهلنا من المحافظات الى عمان لتقديم واجبات العزاء.
مطلوب منا ان نتبادل التراحم ! ومطلوب ان نيسر على أنفسنا وعلى احبائنا وان نتفادى العسر.
يزداد الإحساس بضرورة التوافق الوطني على عدد من المفاهيم والقيم والعادات الواقعية الجديدة، المتعلقة بالتعازي، لتكون متناسبة مع واقع الناس وظروفهم الاقتصادية والاجتماعية والتزاماتهم الوظيفية.
فالمهم هو المواساة والمشاركة الوجدانية العاطفية، التي تخفف على ذوي الفقيد وقع مصابهم الحزين.
وقد بدأنا نلاحظ الاكتفاء بالعزاء على القبر او الاكتفاء بالتعزية لمدة يوم واحد فقط.
وايضا قبول التعزية بالاتصال الهاتفي وعلى منصات التواصل الاجتماعي، بدون حرج على من لن يتمكن من الحضور.
فقد حصل الدفن آلاف المرات، بغياب أبناء أو أشقاء أو آباء أو امهات المتوفى.
وبدأنا نسجل بإعجاب إلغاء تقديم الطعام عن روح المتوفى كليا، والتصدق بقيمته -ان توفرت وليس ان تدينت- الى احدى الجمعيات الخيرية المضمونة.
كما نسجل باحترام ان طلب اهل المتوفى من سكان المناطق البعيدة عن العاصمة عدم تجشم مشقة ومخاطر واكلاف الحضور. والطلب من سكان العاصمة انتهاج هذا السلوك.
واصبح المقبول هو دفن المتوفى في المنطقة التي يقطنها وليس فقط في المدينة التي ينتمي اليها.
لقد بدأ ناسنا يقدمون التعزية والمواساة على وسائط التواصل. واصبحوا يقبلونها من العموم الذين يلقون عنتا ومشقة في الذهاب إلى بيوت الأجر في كل انحاء المملكة.
لا اضع في اعتباري كلفة النقل على اهميتها. ولا اضع كذلك كلفة الوقت. بل اضع عدم قدرة اي مواطن على القيام بواجبات التعزية المتزايدة، في كل أرجاء بلادنا.
وفي الاعتبار مخاطر الطرق التي أصبحت ضريبة دموية يومية، خاصة على الطريق الصحراوي-طريق الموت.(الدستور)