تغيب الكلمات وتقصر أمام قامتك العالية ، تحضن المطر بين ذراعيك لندفئ ، تنتصب في الشوارع والدواوير وأمام التقاطعات عاريا بصدرك إلا من حب الله والوطن ، ننظر إليك من خلف الشبابيك ، نخاف البرد وأنت تبتسم فيسري الدفء بنا ، تحرك ذراعيك للمركبات لا تأبه للمطر أو للريح كقائد سمفونية ، تحرك الجميع ثابتا صلبا لا يكسرك شيء ، إلا من يكسر القانون .
يا صاحب المعطف الطويل ، كم نستدفئ بمعطفك ، كم نشعر بالأمن كلما لاحت دورية على جانب طريق مظلم بعيد، أو كلما مرّت بجانبي "لاندروفر" عسكرية إعتلاها غبار "خو" ...
أيها الأردني النبيل ، كم نحن صغار أمام كبريائك، يا نسل الطيبين ، يا من فاضت بهم طرقات القرى ذات ضحى ذاهبين نحو العسكرية درب الفداء والتضحية لا يحملون إلا الوطن في قلوبهم ، ولا يحلمون إلا بوطن قوي ، ها أنت تعلّمنا كل يوم درسا في الوطنية ، صامت على حاجتك وعوزك ، ولكن لم تترك واجبك ، الجميع ينتظرون العطلة وأنت يبدأ عملك عندما يعطل الجميع وعندما ينام الجميع .
أعرف أنك لا تنتظر كلامي ، وأعرف أن الكلام لا يداني وجع رجليك في ليلة ماطرة ، أو عرق ينزّ من جبينك العالي في ليلة خفارة لا تنتهي ، لكن لا نملك إلا الكلام يا بن عمي ويا بن دمي فنقول أنتم العسكر أكبر من كل القصائد ، وأكبر من كل الأحرف ، أنتم فخار آبائكم ودعوات أمهاتكم وزغاريد أخواتكم ، أنتم الوطن الزاهي الذي نحبه كما هو في وجه الفقراء الأنقياء الأطهار ، الوطن الذي كنا وما زلنا نحبه لأنه ببساطة أنتم الوطن فقط ودونكم كله محض كلام .