في ذروة الثبات ترتجف الأقدام على غير المعتاد، وكأن شيئا ما يزلزلها ويرجها رجاً، فمهما تحاول الصمود تجد في داخلك شدا عكسيا يدفعك للوراء كلما تقدمت خطواتك نحو هدفك وحلمك، فتصير بين صراعين أحدهما يخيفك ويحذرك كراهية وآخر يدفعك طوعا، فلا تزال تراوح مكانك إلا إذا جازفت وانتصرت على هبوطاتك وارتجافك.
وفي خضم تخطبك النفسي وانحدار مستويات الثقة تأتي الأفعال هزيلة خائبة، وفي ظل غياب التحدي ومنعة الصمود؛ تنقسم وتتبعثر أمامك مسارب الحياة بجميع معطياتها سواء أكانت إقتصادية أم اجتماعية أم عملية أم غيرها، فتستعسر الطموح ويخيم الكسل على حدود أفكارك فتنطفئ فيك جذوة النشاط والإبداع .
شواهدُ كثيرة تريك أن ما حولك أصبح عبئا ثقيلا علاوة على استسلامك للحياة، حتى الأصدقاء لم يعد لهم ذلك البريق البريء في قربهم ،تتعالى فوق مقاصد قربهم المصالح وتنظوي تحتها فرضيات الود والتصالح.
غالبا مايكون الإستغفار للنفس راحة وقتيّة وكأنك تؤدي أمانة تم إيداعها مسبقا لتشعر بأنك فعلت شيئا بسيطا لهيئتك وأهديت حالك نوعا من الرضى لتشعر بأنك قمت بجهد روحاني علّه يعيد توازنك المتهلهل.
شعورك بأنك تعيش في لغز مبهم يعرف حله كل من حولك ويستعصي عليك هذا هو البلاء، والأدهى إذا أيقنت واستكنت لهذا الغموض، فتعيش حياة لا حقيقة لوجودها إلا في محيط جسدك، والأكثر فجيعة إذا تصرفت على أساسٍ من تلك الحقيقة الزائفة.
ثق أن الجمال في النفس لا يتطلب تلميعا ولا تلميحا لحضرتك وجنابك، فقط كن ذو جمال في أفعالك، وما لا تجيء به أفعالك لا تردده في أقوالك، والجمال حكمة ضائعة لا يجيدها إلا صانع الوئام بين الخلائق، فالسكوت جمال في حضرة المجون ،والجمال كلام في حضرة الحق، والجمال صنيعة قوم كرام يجيدون فنونه ويصنعونه لأنفسهم ولعامة الخلائق.
في كل مرة تعجزك الكلمة الأولى، قلها فإذا خرجت خرج معها صفحات من قلبك ومن عقلك، وكن ذو تفاؤل بما تقول واجعل من حروفك درر يتلقفها المستمعون، لا حجارة يردونها إليك ويمتعضون من سماعها، قل لتُسمَع لا لتُجادَل.
وفي قمة صمودك إجعل لك ركائز منك من علمك وثقافتك ومخزونك المعرفي، فلا تضن لو للحضة واحدة أن هناك أم لك تدفئ بردك أو تستر جسدك أو تنعم عليك بأوسمة الدعاء، شُد أحزمتك، واعقل وتوكل، تمكن ثم انطلق .
الانسحاب أحيانا غالبة إنتصارا لذاتك إذ لم تجد حضورك كما ينبغي لمكانتك، وكن كالنحلة التي تأخذ الرحيق وتنقل حبوب اللقاح وتصنع العسل، فتفيد وتستفيد وتفيد، وحبذا الإستغراق في عمل يلهيك عن الإكثار من الترنح هنا وهناك، حتى لا توصم بلا ذنب اقترفته وتؤخذ بجريرة غيرك فتنقلب نعمتك نقمة، فالعاقل لا يداوي علة إنما من وقى نفسه وحصنها من الأذى.
وتجدر هنا الإشارات إلى التبعية المظلمة ذات النفق العقيم والنهاية المسدودوة ، فلا تكن كظلك لك لغيرك، لا يعي لما ولكنه هكذا،وفي الحياة مآلات صعبة، فالمخربون كثر والمصلحون قلائل، فقط كن لنفسك حاميها فلا أحد يجيد الدفاع عنك مثلك، ولا أحد يعرف علتك إلاك، فلا تستهن بهذه النفس التي بين جنبيك فإنها عظيمة إذا عظمتها وإذا أهنتها فلا من مكرم.
مع تحياتي لكم ..وكل عام وأنتم بألف خير