هجمة اليمين الإسرائيلي على الملك
د.محمد المومني
26-12-2019 01:08 AM
يتعرض الأردن ومليكه لهجمة منظمة من قبل قادة وكتاب اليمين الإسرائيلي الذين يرون بمواقف الملك صداما مباشرا مع أهدافهم وأجنداتهم. الهجمة ليست بالجديدة فقط سبقتها حملات متكررة علنية وسرية، تحريضية في مضمونها ضد الأردن وجلالة الملك، استغلت فضاء الانفتاح على وسائل التواصل الاجتماعي لتبث الأكاذيب والفتن. فحوى هذا الهجوم يحاول تصوير الأردن والملك على انه ليس مع السلام ولا يسعى له، وان مواقفه تضمر العداء لإسرائيل وتقاوم خلق حالة من الاعتماد المتبادل الضامن للسلام معه. هذا كلام غير صحيح؛ الأردن الرسمي لا يوجد لديه مشكلة مع إسرائيل وقد حسم هذا الأمر العام 1994 عندما اتخذنا قرارنا الاستراتيجي بابرام السلام. مشكلة الأردن مع فئة محددة من اليمين الإسرائيلي يقودها نتنياهو تمعن بمنهجية وإصرار على الإضرار بمصالح الأردن العليا.
سلوك اليمين ورموزه يدل على تضررهم الشديد وغضبهم من الملك ومواقفه المؤثرة دوليا ضد أجندات اليمين الإسرائيلي. الضرر مضاعف لأن من يقف بوجه الخطاب والسياسات اليمينية الإسرائيلية يأتي من زعيم عربي إسلامي عرف باعتداله واتزانه ودفاعه عن السلام في الشرق الاوسط، وهو صديق ومحل للثقة من قبل دول العالم المتحضر التي ترى بخطابه صدقا واقناعا وهي بالتأكيد لا تراه معاديا للسلام أو لإسرائيل. الملك يعارض أجندات يمينية يراها تطيح بالسلام والتسوية وتطعن الأمن والاستقرار الشرق أوسطي في مقتل. في كل مواقف وخطابات الملك المتصدية لسياسات اليمين الإسرائيلي كان دائما ما يشير فيها لإلتزام الأردن وإيمانه بالسلام والتسوية، وأن أجندات وقرارات اليمين هي ما يقوض ذلك. تمسك الأردن الرسمي وما يزال بمعاهدة السلام غير المقبولة شعبياً، وأصبح الالتزام بها شأناً يحترمه العالم ويقدره، وذاك العالم نفسه سيصل لمرحلة يتفهم فيها عدم التزام الأردن بالمعاهدة اذا ما استمرت سياسات اليمين الإسرائيلي تحاول المس بمصالح الأردن السيادية العليا.
اليمين الإسرائيلي لم يكن أفضل حالا بالسابق من حيث الاجندات التوسعية المتعارضة مع مصالح الأردن. الجديد أن فريقا شعبوياً مغروراً لا يعي عمق الاقليم ولا أهمية العلاقة مع الأردن هو الذي يقود اليمين الان. لم يكن شارون ولا شامير ومن قبلهم من محبي الأردن وإستقراره، ولكنهم كانوا يدركون أن أمن بلادهم وسلامه مرتبط حتمياً بعلاقات استراتيجية ذات مصداقية مع الأردن، وسلام مع الفلسطينيين يخلق لهم كيانا سياسيا بمواصفات خاصة. فريق القيادة اليميني الحالي أرعن يتوقع من الأردن وملكه أن لا يحرك ساكناً في مواجهة سلوكيات وقرارات يمينية إسرائيلية لا تقوض السلام والأمن فحسب، بل تمس بشكل مباشر المصالح العليا للدولة الأردنية. لا والف لا، بل نواجه ونقاتل ونرد الصفعة بمثلها، ولدينا مخزون من الأوراق ما يقض مضاجع اليمين الإسرائيلي واجنداتهم.
حرب الملك مع غلاة اليمين حرب شجاعة ومشرفة تستند لإرث سياسي عظيم أثبت في أي مناسبة الالتزام وعن قناعة بالسلام والتسوية. يدعم مواقف الملك قوة الحق وسطوة المنطق التي يعلمنا التاريخ أنها ستنتصر ولو بعد حين، ويشد ظهره شعب يحب مواقفه ويشرف بها، شعب يضع صدره دونا عن المس بقائد شجاع يقف مع الحق ويذود عن مصالح شعبه.
(الغد)