أحمد قايد صالح من مواليد1940 بولاية باتنة، يمتد مساره العسكري إلى أكثر من 60 سنة، بدأه في صفوف جيش التحرير خلال ثورة الجزائر ضد الاستعمار الفرنسي (1954- 1962)، وهو ما يجعله من بين القيادات العسكرية الثورية، ومن خارج ما يعرف بمجموعة "ضباط فرنسا"، وهم مجموعة الضباط الذين كانوا ينتسبون إلى الجيش الفرنسي زمن ثورة التحرير قبل أن يلتحقوا في ربع الساعة الأخير بالثورة. تلقى دورات تدريبية في الاتحاد السوفييتي سابقا، وتدرج في السلك العسكري حتى وصل لرتبة لواء عام 1994 حيث تولى قيادة القوات البرية، وفي عام 2004 تم تعيينه في منصب رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي.
ودفعت التطورات التي شهدتها المنطقة العربية إلى إيفاده برفقة قوات جزائرية إلى جبهة القتال في حرب يونيو/حزيران 1967، للمشاركة في الحرب العربية الإسرائيلية، حيث ظل هناك حتى عام 1968مشاركا في حرب الاستنزاف. كما شارك في حرب تشرين الأول 1973 ضمن صفوف القوات الجزائرية التي شاركت إلى جانب الجيش المصري لاستعادة سيناء من الاحتلال الإسرائيلي.
لا ينسى الجزائريون الموقف الذي تبناه قايد صالح، بعد أن اشتدّ الحراك وخرج الجزائريون بالملايين إلى الشوارع للوقوف في وجه ترشح الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة. حيث خاطب بوتفليقة مشددا على ضرورة إعلان حالة شغور منصب الرئيس استجابة للمطلب الشعبي، ليتخندق بذلك مع الحراك ويكون ورقة ضاغطة ويجبر بوتفليقة على التنحي ، رغم أنه هو من وضعه على رأس قيادة أركان الجيش.
هيمن قايد صالح على المشهد السياسي والإعلامي منذ نهاية آذار الماضي، متحدثا باسم السلطة، إذ كان يظهر بصفة الحاكم الفعلي للبلاد. وكان أكثر شخصية في الجزائر حضوراً خلال المرحلة التي أعقبت رحيل بوتفليقة، وصدرت أبرز القرارات من مكتبه، بما فيها تحديد تاريخ الانتخابات الرئاسية التي جرت في 12 كانون الأول الحالي.
وقد تعهد في خطاباته بعدم إراقة قطرة دم واحدة في الجزائر، واستطاع أن يفي بوعده، فلم يتورط الجيش الجزائري في العنف ضد الحراك والمتظاهرين. وهذا بحد ذاته ليس بالأمر التفصيلي في بلد مثل الجزائر. كما استطاع حماية وحدة واستقرار البلاد، وادارة الأزمة بكل حكمة في ظرف وطني واقليمي ودولي شديد التعقيد. والعبور بالوطن من الأزمة حتى انتخاب الرئيس الجديد. رحم الله الفريق قايد صالح وحفظ الجزائر شعبا وأرضا من كل سوء.