شوكة الدولة .. آن أوان وقف العبث .. !!
د.طلال طلب الشرفات
25-12-2019 12:50 PM
ميزة الدولة الأردنية تكمن في شرعية نظامها السياسي ونبل مؤسسة العرش فيها واستيعابها الأخلاقي الخلّاق المنصف لكل فئات الشعب بأطيافه وطوائفه وأعراقه، والسّمة الناصعة الأخرى جيش محترف منتمٍ متوازن؛ له قائد واحد هو جلالة الملك، وأجهزة أمنية وطنية واعية ساهرة على أمن الوطن وسكينة أبنائه، وشعب على الدوام حارساً للهوية الوطنية والعيش المشترك، ووفياً لتضحيات الشهداء والبناة الأوائل في وطن هو بين الرمش والعين لكل المخلصين والأوفياء الذين جاعوا وما باعوا، وعانوا وما هانوا؛ من أجل وطن حر عزيز مهاب.
الدولة القوية تحفظ شوكتها مهما كان الدواء مراً، والدولة المتماسكة تعض على هيبتها بالنواجذ، ويعلن أحرارها أن مساحات العبث بكيان الدولة وعنفوان المؤسسات قد آن أوان تضييقها وإلغائها، وأن سيادة القانون هي نقيض الانفلات والاستقواء على الدولة وسلطانها، وأن الحرية تشيخ من الاستعراض النخبوي، والانفلات الألكتروني، والحكمة الرسمية تشيب من محاولات اختبار صبر الدولة وأدواتها المشروعة، والدولة الراشدة لا تقبل الإنتقاص من شكيمة قادتها وحضورها المتزن المهاب بين مواطنيها.
هناك أدوات مشبوهة أو جاهلة أو حاقدة أضحت تعبث في منظومة الأمن الوطني والسلم الأهلي، وهناك جهات صامتة، وأخرى راضية، وثالثة تذكي هذا العبث بأساليب لم تألفها الأخلاق الأردنية في تقريع الدولة والنيل من صمودها وأداء دورها القانوني والدستوري، وبث خطاب الكراهية واليأس وتقزيم المواقع والمؤسسات، ووضع أي انجاز وطني في المسافة ما بين المأساة، والملهاة، ومحاولة زج المشهد العام نحو أتون الفوضى والانفلات كما يحدث في بعض الدول المجاورة لا قدر الله.
لا تناقض البتّة بين محاسبة المخطئ، واحترام هيبة المؤسسات وأدوارها الوطنية، ولا تعارض بين قيام مجلس النواب بدوره الرقابي والتشريعي وتقدير حجم المخاطر الوطنية التي قد ترافق اتخاذ قرار شعبوي متسرع بعيداً عن التشاور الضروري لتقدير حدود وأولويات المصلحة الوطنية العليا، ولا تضارب بين مشروعية مطالب المعلمين والنقابيين والموظفين المعيشية وإدراك محددات قدرات الدولة المالية وبما لا يضع الدولة أمام إذعان مزدوج يفرضه عليها؛ مواطنيها من جهة والدول الأخرى ومؤسسات التمويل الدولية من جهة أخرى.
ما يثير القلق في المشهد العام هو أن حجم المخاطر الوطنية تجاوز كثيراً متطلبات معارضة الحكومات والسياسات إلى حالة إلغاء الآخر وبث خطاب الكراهية وتفكيك هيبة المؤسسات العامة لمصلحة عوامل الفوضى، والاسقواء، وتقزيم مفهوم الموقع العام إلى مستويات مهينة ومجردة من القدرة على اتخاذ القرار، والأخطر إن ذلك يشي بمخاطر خارجية بأدوات داخلية لخلق حالة من الإرباك وإضعاف حالة الصمود الوطني في وجه الأخطار الخارجية المحدقة بالوطن من كل جانب.
يخطئ من يظن أن ما يحدث في الوطن من محاولات لكسر شوكة الدولة وهيبة الوطن هي حراك طبيعي، ويخطئ أكثر من يعتقد أن التأخير في لجم الأصوات العابثة بمفهوم الدولة ومؤسساتها لن يؤدي إلى ضرر، فقد سبق وأن دعونا إلى دراسة ومعالجة حكيمة وحازمة لذلك، أما اليوم فإن الأمر قد أصبح اكثر إلحاحاً في وطن لم يعد يحتمل أن تستمر الأمور على هذا النحو، وحمى الله وطننا الحبيب من كل سوء..!!!