تصحو صباحا على سماء خيبة ظن الحاملين على ظهورهم خيام الحرب التي لم تنتهي بعد، فلا الولد عاد ولا الذين سبقونا إلى خيمة الأعداء عادوا بنوافذ وأبواب. لا زال الشاعر فينا يعوي حتى إذا ما ارتدى بندقية وجراب صار إماما ورسولا.
تصحو صباحا وتقرأ في شريط الأخبار عن موت أحدهم واقفا، وعن موت هيربرت يوث صانع المواقد الحجرية وعن العائد بلا ذاكرة وهوية، وعن وضوح النهار في ظل الساقط من مدن الأحجار والأسوار، وعن مكنسة الكهرباء وعن مقدرة الواحدة منها على التجوال في الأماكن المغلقة كثيرة النتوء، ما من سوء بيد أنها حاجة الوقت إلى تهذيب الوقت في حديث الهوية اللغوية مع سلطة الهوية المكانية، إنها غبطة المتفائل ولعنة المتحامل.
و أتساءل، ما حاجتي أنا المنفي لواحدة مثل هذه، بيد إنها حاجة الدولة الحديثة إلى ربطة عنق وبزة بنيوية وتخونها لباقة المتفرد اللغوية.
تصحو صباحا وتقرأ في صحيفة النهار الملقاة على طرف الباب، أنا الذي فقدت إحدى ذراعي وأنا أحاول أن أرد الذباب عن نهر بلا نافذة وباب عن نجاح الرجل الجديد في إسقاط صفة المقدرة كاملة على آلة من حديد تقرأ الأفكار ولا تنسى. وأتساءل، ما حاجة النهر فينا إلى شاعر لا يملك من أدوات الغناء سوى الوزن والقافية نحن الذين كنا نعتقد بأننا أنبياء المرحلة. إنها الأخلاق، أدب القريب في حديثه مع البعيد وأدب البعيد في تعاليه مع القريب.
تصحو صباحا على سعال جد يعد مصيدة لدخان الضباب، وآخر يجر عربة الغيم حتى إذا ما وصل إلى حافة النهر ليلقيه، قال أحدهم للآخر :"هذا الهباء لا يمكن ترويضه إلا بالغناء، ولكن إلى أين؟" قال الذي يجر عربة الغيم :"أسوأ الأنبياء نبي أخطأ الطريق إلى السماء، أسوأ القتلى قتيل يزاحم الموتى لكي يسدد فاتورة الكهرباء."
تصحو صباحا على سماء خيبة ظن الحاملين على ظهورهم خيام الحنين، فلا الولد القابض على جمر الغواية عاد ولا الأب الذي سبقنا إلى رأس الخيمة عاد بنافذة وكتاب.
ملك الحرب هو ذاته ملك السلام، بيد أن الهوية شأنك الخاص، إنها حاجة السلطة من الإشارة، إنها حاجة الحضارة من الخسارة.