هل هناك مؤامرة على المملكة الأردنية الهاشمية؟
شحاده أبو بقر
23-12-2019 08:32 PM
نكتب ونكتب ونكتب ، ولا نرى لما نكتب نحن وكثير غيرنا صدى يذكر على صعيد رسمي ، ونقابل في المقابل بتعبير عن إعجاب وتأييد ولكن همسا ، من كثيرين يستشعرون مثلنا حجم الخطر ، وتندر من آخرين وهمسا أيضا يرون أننا ننافق لاصحاب الشأن بحثا عن مناصب ومغانم ، ولكن بأسلوب شبه مؤدب بحضورنا، وغير ذلك بغيابنا قطعا .
وقبل أن أبدأ ، فليعلم كل قاريء في الأردن وخارج الأردن علما يقينيا لا مراء فيه ، أن الشعب الأردني العظيم ، يتصدر شعوب الكوكب كافة وبلا منازع قط ، في الوفاء والتشبث بقيادته الهاشمية الكريمة ، وأن هذا الوفاء الذي لا يهتز مهما بلغ ألفقروالجوع وحتى الظلم والتهميش منا مبلغه ، مصدره قناعة راسخة منذ عهد الآباء والأجداد الذين أسسوا المملكة وبنوها في الزمن الأغبر الصعب ، بأن الهاشميين هم رأس الهرم وقاعدته معا ، وأن أي خلل قد يصيب القاعدة أو الرأس لا سمح الله ، يعني حتما فوضى عارمة ملآى بالدم والموت الذي سيترك البلاد والعباد ، نهبا لهمل الكوكب ، وفي مقدمتهم ( إسرائيل ) .
من أجل هذا صار الأردنيون وجميعا عبر التاريخ ، جيشا رديفا للجيش بكل ما في الكلمة من معانٍ ، وقدموا أرواحهم فداء للهاشميين ودرتهم الملك ، وهذا تاريخ لا يملك نكرة إنكاره ، أو التقليل من حجم صدقيته ونبله ومكنون الشجاعة فيه ، لا بل زادوا برفض ان يتفوه كائن من كان ولو بكلمة تنفد الملك أو أيا من الهاشميين بلا إستثناء .
والدليل التاريخي الأصدق والأنصع على ما نقول ، هو تحطم سائر المؤامرات التي تعرض لها العرش الهاشمي بتدبير عربي وللأسف ، وعاد أردنيون ممن غرر بهم للمشاركة. فيها وصاروا حكاما تسلموا أهم المواقع القيادية في الدولة ، بعد أن تيقنوا من حقيقتين ، الأولى ، هي أن الشعب الأردني كله وعن بكرة أبيه ، جند مجندون من أجل الملك والوطن ، وأنهم يرون في شخص الملك ومقامه ، الأردن الوطن كله ، والثانية ، أن صناع المؤامرات ضد العرش الهاشمي ، لا صلة لهم تذكر بالعروبة وقيمها والدفاع عنها وعن حقوق شعوبها ، وإنما هم طلاب " كراسي " يعميهم الحقد والحسد ، ويرون في الهاشميين عقبة كأداء في طريق أطماعهم لا أكثر ولا أقل ، وليس سرا أن منهم وأعوانهم من يتحملون المسؤولية كاملة ، عما وصلت أليه الأمة اليوم من ذل وضياع وهوان على الناس ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
اليوم ، تحورت وتغيرت وتطورت فنون التأمر على المملكة الأردنية الهاشمية ، وصارت مخططات مكشوفة لكل من يملك قدرا هينا من وعي ، فما دامت الأمة وبإسم ما يدعى ربيعها اليابس قد صارت يباسا في حروب داخلية لن تهدأ في منظور سنوات قريبة ، فقد باتت الفرصة مؤاتية جدا لهدم الدولة الأردنية على رؤوس ساكنيها ، من خلال زعزعة وفك الرابط الوجداني التاريخي المكين بين الشعب من جهة ، والعرش الهاشمي من جهة ، عبر تقزيم سائر مؤسسات الدولة وسلطاتها ، وتدمير ثقة الناس بها ، وإفقارها ، لا بل وتجويعهم إن أمكن ، وتوسيد أمورهم إلى من هم ليسوا أهلا لها ، لخلق تململ ، ثم تذمر ، ثم نقمة ، ثم خروج عن الأطوار المعتادة بين صفوف الشعب والإكثار جدا من سيول الإشاعات وحديث الفساد، تمهيدا وتوطئة لخروج الناس طوعا إلى الشوارع ، بعد أن يملون الشكوى والتذمر بلا إستجابة.
هذه هي المؤامرة التي تنسج خيوطها كبيت العنكبوت ، إبعاد وإستبعاد للشرفاء من رجال الدولة الذين قلوبهم على الوطن والعرش الهاشمي ، وتقريب لرويبضات كثر همهم أنفسهم لا أكثر ، وساعة الجد لن ترى منهم أحدا قط ، وبذلك ، يتخلخل الرابط الوجداني بين العرش والشعب ، أو هكذا هم يتصورون ، وفي لحظة ما ، يخلو لهم الميدان لفعل ما يريدون .
ويبقى السؤال ، من هم المتآمرون يا ترى ؟ ، والجواب ، إنهم قادة وساسة إسرائيل وأعوانهم من الحركة الإنجيلية المتصهينة ، وبالطبع ، يجدون ما يحتاجون من خونة لا يقدرون العواقب وبطغيهم المال وحب الدنيا الزائلة ، فيتعاونون بلا تردد ، وتحت مسميات شتى تسعى جميعها إلى أقتلاع قيمنا ومبادئنا وعاداتنا وتقاليدنا من جذورها ، قبل أن يقتلعوننا نحن كما يتوهمون ، رد الله كيدهم إلى نحورهم جميعا بلا إستثناء لأحد منهم .
سأخاطب ضمير شعبنا وعرشه الهاشمي ، وأقول ، علينا أن نفكر ونتفكر ونتنبه جيدا ، وجيدا جدا، وأن نعيد النظر في الكثير من سلوكنا على أساس القناعة بما سبق أعلاه ، وأن نوحد الصف كما كان، بعيدا عن أية جهوية أو أو عنصرية يبغضها الله ، أو إقليمية أو محاصصة ديمغرافية عمياء ، وعندها ، فلو إجتمعت الإنس والجن، فلن ترغمنا على الرضوخ لصفقات ومؤامرات ومخططات ستدخلنا لا قدر الله دائرة الفوضى الهدامة التي يريدونها لنا وبكل إصرار.
قبل أن أغادر ، من تغطى برداء شعبه الوفي ، لن يخيب أبدا مهما تكالب الأعداء والأشرار ، ومن تقرب من شعبه وبالذات شعبنا الأردني الواحد ، إصلاحا عاجلا. وجادا ومؤسسيا ، قادر على أن يتحدى الدنيا بأسرها ، والتاريخ قريبه وقديمه خير شاهد ودليل.
قبل أن أنصرف ، نعم هناك مؤامرة ، علينا وعلى فلسطين وشعبها ، لا بل مداها أبعد من ذلك بكثير ، فالصفقة هي في حقيقتها المرة ، حرب دينية على عرب الشرق ومعهم آخرون ، والبداية مرسومة لنا نحن قبل غيرنا ، فهل نقرأ المشهد كما يجب ونظهر ما دعوت له سابقا من العين الحمرا ولا نهاب ، والله قطعا معنا لأننا على حق وهم على باطل ، ونصيحة خالصة لوجه الله لكل من قد يتعاون معهم ، أن يدرك أن التاريخ لم ولن يرحم ، وأن يوم الحساب عسير، وعسير جدا.
حمى الله الأردن شعبا وعرشا ومؤسسات ، وحمى الله فلسطين من البحر إلى النهر عربية حرة رغم مخططات الأعداء المتآمرين وأعوانهم أيا كانوا ، ولن يهون الأردن بعون واحد أحد ، وهناك أردني خشمه يشم الهواء . الله دون سواه من وراء قصدي.