الشرفات يكتب: لا للفساد .. ولننهض بالبلاد .. !!
د.طلال طلب الشرفات
23-12-2019 09:21 AM
احتفال هيئة النزاهة ومكافحة الفساد باليوم العالمي لمكافحة الفساد طرحت الهيئة شعاراً يحمل أكثر من رسالة تضمنت عدة معانٍ تدعو إلى انبعاث الأمل مرة أخرى في ترسيخ منظومة النزاهة، وتُعلي من شأن الجهود الوطنية الحقيقية لكسر ظهر الفساد من خلال إرادة سياسية حقيقية وتوجيهات ملكية حكيمة بضرورة اتخاذ كافة الإجراءات الحقيقية الحازمة في كبح جماح الفاسدين والحيلولة دون إفلاتهم من العقاب.
الضمير الوطني الأردني النقي الشريف يأنف الفساد، وحالة الاختلال السلبي في منظومة القيم التي تعتري النخب والمواطنين على حدٍ سواء لم تعبث بعد في إصرار الناس على ضرورة احترام حرمة المال العام والثقة العامة، وربط هذه الثقة باتخاذ الإجراءات اللازمة لاسترداد الأموال المتحصلة من الفساد من جهة، وترسيخ قيم الحق والعدالة والنزاهة والشفافية وتكافؤ الفرص بين الأردنيين من جهة أخرى .
نريد من الحكومة ان تقفز قفزة وطنية تحاكي فيها قيم الدول المتقدمة في مراقبة نمو الثروة، وتقدم مشروع قانون معدل لقانون الكسب غير المشروع وتذهب بعيداً نحو رفع السرية المصرفية عن حسابات كل من يتصدى للعمل العام من قبل المؤسسات الرقابية الحصيفة المؤهلة، وإعطاء هيئة النزاهة دوراً حيوياً وفاعلاً في مراقبة احترافية ناجزة وعادلة للثروة وطبيعة نموها، وبالمقابل نريد تعديلاً سريعاً لقانون هيئة النزاهة من حيث اعتبار جرائم شراء الأصوات جرائم فساد لما في ذلك من خطورة في تسميم ضمير المؤسسة التشريعية الموكول لها دستورياً إعمال التشريع والرقابة.
في ظني أن العام المقبل سيشهد تغيراً نوعياً في طبيعة وحجم ونوع القضايا التي ستتعامل معها هيئة النزاهة ومكافحة الفساد، وفي يقيني أن المبدأ الذي أعلنه جلالة الملك - غير ذي مرة- بأنّه لا حصانة لفاسد؛ ستنعكس في ملفات كبيرة وفي قطاعات متعددة وستؤدي إلى تكريس مفهوم المساءلة الحقيقية في ضوء حرص مقدر من مجلس الهيئة وكوادرها بضرورة ممارسة أحدث أساليب التحقيق الاحترافي، ورفع مستوى الإدانة في القضايا المحالة للقضاء لمستويات قياسية وفاعلة وقابلة لتحقيق النتائج المرجوة في العقاب والاسترداد.
احتفال هيئة النزاهة هذا العام يشكل نقطة انطلاق إيجابية تتطلب تشكيل لجان فنية من الجهات ذات العلاقة لتعديل التشريعات التي تحوي منافذ الفساد والمتمثلة في السرية، والصلاحية التقديرية، والصلاحية الواسعة.
الحكومة والبرلمان مدعوان للنهوض بمتطلبات الأولوية الوطنية لمحاربة الفساد باعتباره ضرورة تستدعيها حالة النشوز التي تعتري القوى الوطنية الفاعلة والتي فقدت الثقة بالمؤسسات العامة والدولة ككل، ومن الصعب جبر ذلك بدون انقلاب نوعي على الإجراءات التقليدية في مكافحة الفساد لصالح ضرب مفاصله الإداريه والسياسية والتي فتكت بالثقة العامة منذ زمن طويل.
الدعم الشعبي والرسمي لهيئة النزاهة ومكافحة الفساد وتفعيل نظام حماية الشهود والمبلغين بطريقة وطنية وعادلة بعيداً عن حالات الاستهداف السياسي الذي مارسته الحكومة السابقة هي أولويات وطنية حقيقية، وتأسيس صندوق لدعم جهود الهيئة في التدريب والتجنيد والتأهيل والاحتراف هي أجندة يجب أن لا تغادر أذهان مجلس الهيئة الذي نُعوّل على حياديته ونزاهته وحزمه وحرصه الشيء الكثير، وحمى الله وطننا الحبيب من كل سوء..!!