اتفاقية الغاز وحكومة الهملالي
د. عدنان سعد الزعبي
22-12-2019 11:41 PM
حماس رئيس مجلس النواب، والنواب الموقعين على مذكرة الغاء اتفاقية الغاز جاء امتداد لقرار المجلس الذي صوت بالاغلبية بالغاء الاتفاقية عام 2014، فحديث رئيس مجلس النواب المتكرر حول الغاء الاتفاقية والطلب من اللجنة القانونية اعطاء صفة الاستعجال مؤشر واضح على أن القضية لا تحتاج اكثر من مجرد جلسة لاعطاء حكومتنا الرشيدة السند القانوني السياسي في اجراءات الغاء الاتفاقية. فالاساس بهذه الحكومة ومن سبقها من حكومات الكرتون والشللية ان تمضي بالغائها دون تردد لان القرار الشعبي متخذ منذ عام 2014.
صفقة الغاز او ما يسمى امريكيا صفقة كلنتون وجون كيري جاءت عام 2013 عند توقيع اتفاقية الغاز الاولى بقيمة نصف مليار دولار ليتبعها وبسبعة اشهر توقيع شركة الكهرباء الاردنية اتفاقية الغاز بـ 12 مليار دولار سنويا بدل الشركات الاسرائيلية كمحاولة التفاف على الاردن وقوى معارضة التطبيع مع اسرائيل. بينما تفاجأنا بحكوماتنا العتيدة بالزج بالتبريرات السطحية والتهديدات لابناء الشعب فتارة برفع الاسعار وتارة بقطع الكهرباء وتارة بتضخم مديونية الموازنة، وتارة بديون شركة الكهرباء ...الخ.
ليتبين بعد مرور هذه السنين أن جل هذه التخوفات والتبريرات لم تكن صحيحة ولم يكن التصرف الحكومي سليما ولم نجد من يكن شجاعا ليطرح الحقيقة ويكون صادقا مع الناس. فحجة الغاز المصري الذي كلفنا 4 مليار يمكن الاستعاضة عنه بمصادر أخرى، وزيادة الاستهلاك من الديزل 6 اضعاف يمكن استبداله بالغاز خاصة وان الاردن سارع بإنشاء مستودعات الغاز السائل بالعقبة لتغطي 10% من الاحتياجات، والبدء المبكر بمشاريع الصخر الزيتي لتغطية 30% من الاحتياجات بدل التلكؤ الذي لم يخرج قطرة حتى الان، اضافة الى التلاعب بمشروع الطاقة المتجددة والتراجع عنها، والكفيلة بتغطية اكثر من 20% من الاحتياجات لنتفاجأ بقصة المستثمر العربي المتبخر الذي وعد وأخلف.
قصة الغاز مع الاسرائيلين شجع الناس على بناء محطات طاقة متجددة لكننا تفاجأنا بقرارات الحكومة بالحد منها خاصة بعد ان بالغت الحكومة بالوفر الذي سنجنيه حسب قولهم من الغاز الاسرائيلي بما يزيد عن 1,3 مليار للسنة الاولى و2 مليار في الثانية لنتفاجأ بتناقض الحكومة نفسها عندما اعلنت ان استيرادنا لا يتعدى 20% من خليط الاحتياجات وهذا يعني ان الوفر لن يتعدى 20% اي اقل من 300 مليون دولار في حالة توقف مصادر تزويد الغاز العربي رغم انها متاحة من كل الدول العربية وخاصة مصر وذلك باضافة شرط جزائي في حالة التوقف المفاجيء والاستفادة مما حصل سابقا. فالاشارة الاهم توجهنا نحو الجانب الامني بعدم وضع كل ثقلنا للطاقة بيد اسرائيل لتي تهددنا يوم بعد يوم بقطع المياه فهل نطمئن الى من لا يعرف الا النكران، والخديعة.
فاذا حاولت امريكا الضغط على الملك في اطار الاتفاقية فمواقف الملك كانت ردا عنيفا وقويا تجاه الممارات الاسرائيلية، فالاردن ومواقف الملك اثبتت باننا لسنا مكسوري الجناح ولسنا بالضعفاء، وأن احترامنا للاتفاقيات والتزاماتنا الدولية لا يعني اننا نقبل أن نكون على هامش الدول، فكان الرد المدوي والمدعوم بالموقف الدولي مدويا بدأـ بموقفنا وتحركنا بموضوع نقل سفارة ترمب الى القدس، وخزعبلات صفقة القرن التي انتحرت قبل مولدها، والاعتداء على المقدسات وشرعية الاردن بالوصاية التي اكدها العالم ومؤسساته الدولية اضافة الى موضوع الغمر والباقورة التي كانت صفعة قاسية لحكومة ومتعنصري الدولة اليهودية، وعلى اسرائيل وحكومات الليكود ان يعوا بان الاردن ما زال الكثير من الاوراق التي تظهر القائمين على هذه الدولة العنصرية على حقيقتها.
الحكومة يجب ان ترفع من وتيرة زئيرها لينسجم مع زئير الشعب والملك متسلحة بقرار مجلس النواب، وأن لا تضعف كما هو حالها "لا تتحرك الا عند الغارة" ولااخفيكم اننا سنبقى واضعين ايدينا على قلوبنا التي تمرمرت من افعال وضعف وتناقض الحكومة.
فالموقف الاردني يجب ان يبقى شجاعا كما تحلى به منذ بداية تكوينه. عندما رفع الاباء والاجداد السيف والبندقية في وجه المستعمرين.