زيادة رواتب متقاعدي المبكر
محمد سويدان
21-12-2019 01:41 AM
أثارت الحملة التي تنفذها مجموعة كبيرة من متقاعدي الضمان الاجتماعي المبكر لزيادة رواتبهم الكثير من الاهتمام بوسط المتقاعدين مبكرا الذين تصل نسبتهم إلى نحو 49 % من متقاعدي الضمان، ويعاني غالبيتهم جراء انخفاض رواتبهم التقاعدية التي لا توفر لهم احتياجاتهم الأساسية للمعيشة.
الحملة انطلقت بعد أن رفعت الحكومة رواتب المتقاعدين المدنيين والعسكريين لتحسين ظروفهم وأوضاعهم المعيشية، فيما يربط قانون الضمان الاجتماعي الزيادة على رواتب متقاعدي الشيخوخة بالتضخم، ولا يربط رواتب المتقاعدين مبكرا بالتضخم ولا تشملها أي زيادة مهما كان حجمها منخفضا.
الحملة فتحت الباب أمام العديد من التساؤلات التي تشغل بال المتقاعدين مبكرا، الذين يعتقدون أنهم ظلموا ظلما شديدا لحرمانهم من الزيادات على رواتبهم مهما كان شكلها أو نوعها. وطبعا يقف سؤال لماذا حرم المتقاعدون مبكرا من الزيادات على رواتبهم بحسب القانون، على رأس التساؤلات.
ومن التساؤلات التي فتحتها الحملة: لماذا تتعرض رواتب المتقاعدين مبكرا لخصومات مالية كبيرة تصل إلى 18 % من الراتب حيث ربطت بعمر المتقاعد مبكرا؟ ولماذا يتم منعهم من العمل مع الاحتفاظ براتبهم التقاعدي مثل متقاعدي الشيخوخة؟ يسمح القانون للمتقاعدين مبكرا العمل ولكن بعد خصم نسبة كبيرة من رواتبهم.
طبعا، لا يغيب عن أذهان المتقاعدين مبكرا الذين يقودون الحملة للمطالبة برفع رواتبهم التقاعدية، أن القانون أولا يمنع زيادة رواتب المتقاعدين مبكرا، وأن مؤسسة الضمان الاجتماعي تعتبر التقاعد المبكر يضر كثيرا بالمؤسسة وبقدراتها المالية وقدرتها على الإيفاء بالتزاماتها للمشتركين فيها، ولذلك عملت على إجراء تعديل على القانون يقلص من إمكانية التقاعد المبكر، من خلال شروط مشددة مرتبطة بالعمر والعمل والمهن الخطيرة.
يعتقد المتقاعدون مبكرا أنهم ظلموا ظلما شديدا، لأن غالبيتهم لم تختر التقاعد بهذه الطريقة برضاها، فقد أجبرت عليه لأسباب وعوامل عديدة، على رأسها أن الكثيرين تركوا العمل بعد الاستغناء عن خدماتهم من أصحاب العمل، ولأنهم أيضا لم يتمكنوا من إيجاد عمل لأسباب عديدة منها ضعف وركود سوق العمل، وعمرهم الكبير نوعا ما.
ولأن الغالبية أجبرت على اختيار هذا النوع من التقاعد، ولم يكن باختيارها، فهي تعاني معاناة شديدة، جراء الظروف المعيشية الصعبة التي تقر بها الحكومة، ما دفعها إلى زيادة رواتب المتقاعدين المدنيين والعسكريين.
وهذا الأمر دفع غالبية المتقاعدين مبكرا لانتقاد الحكومة، لأنها لم تنظر اليهم نظرة مماثلة لنظرتها لباقي المتقاعدين، فهم خدموا الوطن، ومارسوا عملا خلال سنوات وخرجوا منه لظروف خارجة عن إرادتهم، وتقاعدوا وفق القانون، فيما لم تتحسن ظروفهم المعيشية، ومعاناتهم مستمرة رغما عنهم، فالعديد منهم يتقاضون رواتب قليلة لا تسمن ولا تغني من جوع.
كما يبدو، فإن حراك المتقاعدين مبكرا، لن يتوقف، بل يتوسع، ويجد دعما لدى عدد من النواب والعديد من المؤسسات، ما يستدعي من الحكومة ومؤسسة الضمان الاجتماعي التعامل بطريقة إيجابية مع هذا الحراك الذي بات يطالب بتعديل القانون وإزالة الخصومات التي تطال الرواتب التقاعدية لهذه الفئة، وربطها (الرواتب) بالتضخم.(الغد)