بمناسبة أعياد الميلاد المجيدة وبدعوة من بلدية الفحيص تم إشعال أضواء شجرة عيد الميلاد في الفحيص بحضور غبطة بطريرك المدينة المقدسة القدس (كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث) وعدد غفير من ابناء البلدة وزوارها. وقد ألقى معالي الشاعر جريس سماوي وزير الثقافة الأسبق الكلمة التالية بهذه المناسبة:

غبطة البطريرك الأورشليمي كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث
بطريرك الكنيسة المقدسة القدس الجزيل الإحترام

أصحاب المعالي والعطوفة والسعادة
أيتها السيدات والسادة
كل عام وانتم بخير ..
هي قصة قديمة قدم التاريخ قصة ميلاد السيد، منذ الفين وتسعة عشر عاما على وجه التقريب وأهلنا في هذه البلاد المقدسة في فلسطين والأردن يحتفلون بميلاد رسول المحبة والعدالة والتسامح سيدنا يسوع المسيح عليه السلام. ومنذ ذلك التاريخ وأبعد ربما والقدس مدينتنا التي وضعها الأسلاف في قلوبهم ووجدانهم.
غبطة البطريرك.. كان أجدادنا في الفحيص والسلط وماحص يسابقون طيور الصباح ليسروا مع الفجر باتجاه مدينتهم القدس الحضن الحميم والدافيء حتى إذا ألمت بهم أحداث الحرب العالمية الأولى هاجر أهالي هذه البلدة وجمع من السلط عام 1918باتجاه أمهم القدس هربا من العثمانيين بعد أن انتصروا للثورة العربية الكبرى وانحازوا لها ضد الإستعمار العثماني الإقطاعي لهذه البلاد.
وها أنت يا غبطة البطريرك تحتفل مع أحفاد المنتصرين للحرية الذين لاذوا في حمى القدس وحضنها بعد مائة عام إذ يتجدد العهد وتتجد صلات الثقة وينفتح العالم على إحتمالات كثيرة.
يقف الكرسي البطريركي ضد محاولات تهويد المدينة المقدسة ويتشبث هذا الكرسي الموقر بالعهدة العمرية الشريفة وينحاز الى الوصاية الهاشمية النبيلة على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس.
كم يقف عبد الله الثاني ابن الحسين كجلمود صخر أمام المحاولات البائسة للنيل من هذه الوصاية التي أجمع المسيحيون والمسلمون عليها، كم يطرق جلالته أبواب المحافل الدولية ليدافع عن هذا الحق الشريف. وكم تقفون أنتم يا غبطة البطريرك مع الحق الهاشمي وشرعيته في هذه الظروف الصعبة.
في ذاكرة الفحيص الصغيرة التي تمثل خلاصة المجتمع الغساني العربي المسيحي القديم نتصفح صفحات مشرقة ونبيلة من علاقة الإخوة والنبل بين مكونات هذه الأسرة الأردنية الفلسطينية الواحدة. في بلدة ماحص الجارة العزيزة مقام السيد الخضر مار جريس عليه السلام، وفي ماحص المسلمة يحتفل المسيحيون والمسلمون كل عام بعيد مار جريس بإقامة قداس إحتفالي كبير في وسط ماحص المسلمة يشاركهم فيه بكل نبل الجيرة والقرابة أهالي ماحص الكرماء. والفحيصي يا سيدي عندما يريد زيارة الجارة الأم السلط يقول ( أنا مروح الى السلط ) ولا يقول ذاهب , ذلك لأن السلط بيته وداره وفناء روحه وهي في الطريق الى القدس .. القدس جدة العالم التي تمنحنا المؤونة من القمح والزيت المقدسين لتنمو أرواحنا وتتوهج كشعلة عصية على الرياح العاتية.
غبطة البطريرك.. الحضور الكرام..
بالأمس زارتنا في الفحيص جلالة الملكة رانيا العبدالله المعظمة، زيارة ميلادية عائلية حميمة مليئة بمشاعر المحبة الغامرة. كم ابتهج الأطفال وهم يحادثونها ويرتلون أغنيات الميلاد بحضورها. كم ائتلقت العيون وهي تتابع خطواتها في الأروقة القديمة في الفحيص. إنها الفحيص وهي تستعيد رؤى الماضي البعيد وملامح المستقبل القادم في هذه الدولة المدنية العصرية التي يقودها ملك مستشرف ومحب لشعبه.
الحجارة المشوبة بلون الشمس تعيد تحايا القدماء من أسلافنا ورذاذ عطرهم، ونحن نرد التحية بمثلها ونعدهم بالتشبث بما تركوه لنا من إرث عظيم في مقدمته أننا في وطن واحد ممتليء بذاته وكيانه المجيد، وأن مقدسات القدس هي في حمى الهاشميين لا مهادنة في ذلك، وأن المسيحيين العرب كما كانوا عبر التاريخ يقفون مع إخوتهم في الوطن حتى الرمق الأخير، يرفعون قلوبهم الى القدس والى فلسطين، ولنا في ذلك مثل عال وشريف هو جهود ونضالات صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين المعظم. دام الأردن ودامت فلسطين ولتبق القدس دائما في ضمائرنا. كل عام وانتم بخير يا صاحب الغبطة، ونرفع من هنا من الفحيص نجمة الوطن المنيرة تمنياتنا بالخير والسؤدد الى صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني المعظم والى صاحبة الجلالة الملكة رانيا العبدالله وسمو ولي العهد الحسين بن عبدالله الثاني والأسرة الهاشمية والأردن الحبيب. وكل عام وانتم جميعا بخير. والسلام عليكم ورحمة الله.