خواطر ليل لا تخلو من "حكم"
شحاده أبو بقر
18-12-2019 07:50 PM
( ١ ) سبحان الله العلي العظيم خالق الليل والنهار ، خالق النور والظلام ، واصف ذاته العلية التي لا يعلوها عال ، بأنه نور على نور ، والله يهدي لنوره من يشاء ، وهو سبحانه يضرب الأمثال للناس لعلهم يتذكرون ويتفكرون . وبعد :
(٢) في موروثنا الشعبي كبشر نقول ،، الليل أسود ورأيه أسود ،، وثابت علميا أن الإنسان في الليل وسواده ،غير ذاته في النهار حيث نور الله جل في علاه ، ولهذا نقول نحن الأردنيين وغيرنا ، حكي الليل مدهون بزبده ، كما نقول وغيرنا كذلك ، كلام الليل يمحوه النهار ، وينصح حكماء أميون عركتهم الحياة قائلين ، إن أردت الذهاب إلى أحد في طلب أمر ما ، فإذهب نهارا ولا تذهب ليلا .
(٣) أكثر من ذلك يصف العرب الأمور الشائنة التي يرون فيها مؤامرة مثلا بقولهم " هذا أمر دبر بليل " ، أي سرا .
( ٤ ) وعموما معظم الممارسات الشائنة والخاطئة تتم في الغالب ليلا ، فالسارق والزاني والمتآمر وكل مقدم على فعل غير سليم فيه خديعة أو ظلم أو نميمة وما شابه ، يحرص على أن يقدم على فعلته ليلا ، ومنا من يقول في هذا ، الليل أبو ساتر ، اي يستر الفضيحة أو الجريمة بإخفائها عن العامة .
( ٥) والله لا إله إلا هو سبحانه ، جعل النهار معاشا ، وجعل الليل سباتا ، وكأنه سبحانه يقول لنا إعملوا لمعاشكم نهارا ، ولا تعملوا ليلا إلا للضرورة ،وإلا إذا إضطررتم لما ينفعكم ، ولا يصيب أحدا غيركم بمظلمة أو مكروه ، سوى الأعداء الغاصبين لحقكم .
( ٦ ) والله سبحانه وتعالى ، جعل الليل سكنا ، لا بل وأخبرنا الحديث الشريف وعلماء الدين ، أن دعوة المظلوم وبالذات في جوف الليل ، لا ترد ، إذ ليس بينها وبين الله حجاب ، كما حدثنا كذلك ، عن عظمة فضائل التهجد عند الله ، حيث الصلاة ومناجاة الخالق سبحانه والناس نيام ، ومن ذلك قيام الليل كذلك .
( ٧ ) مسك الختام في هذه الخواطر العظيمة في معانيها ومغازيها ، هو القول العظيم ، بأن عيون الخلائق تنام ، وعين الله جلت وعظمت قدرته ، لا تنام ، فهو يسمع ويرى ويراقب كل شاردة وواردة ، وهو يمهل ولا يهمل ، والغافلون من الناس ، هم من لا يدركون تلك الحقيقة على عظمتها ، فتراهم يخططون لظلم سواهم من الساهين طيبي القلوب ، ظانين أن عين الله لا تراهم ، وهؤلاء ، هم الظانون بالله ظن السوء ، والعياذ بالله .
قبل أن أغادر ، فوالله أن كل ما سبق نصيحة خالصة لكل غافل جاهل بشدة سخط الله وغضبه سبحانه ، وأيضا لكل مدرك لعظمة رأفة الله ورحمته بعباده الصالحين ، الخالية قلوبهم من كل غل وحقد وضغينة وحسد وسوى ذلك من شوائب الدنيا . والله من وراء قصدي .