من يتابع احوال مجتمعنا يلاحظ إزدياد نسبة العنوسة بشكل أصبح لافتا ومقلقا بنفس الوقت ، ففي عصر التغيرات السريعة التي تعصف بنا متزامنة مع إختلاف الأدوار المنوطة بالرجل والمرأة ، والتي جعلت من مجتمعنا مزيجا مختلفا عما إعتدناه من الموروث القديم من جهة ، ومن إنفتاح حديث نسبيا على ثقافات جديدة... بات لا مناص من الإعتراف بأن العنوسة قد أصبحت تشكل ظاهرة مستجدة علينا.
فالعنوسة في وقتنا الحالي تطال الرجال والنساء على حد سواء لكني في هذا الإطار أود الحديث عن العنوسة الرقيقة التي تطال النساء ، لما للمرأة من أهمية وتأثير كبير في المجتمع ،فالمرأة تلك المخلوقة اللطيفة واللغز المحير والمثير الذي كلما إكتشف الرجل جزءا من خباياه إزداد غموضا بالنسبة له ... فهي الحنونة التي تثير خيال الشعراء وتلهب حماسهم ليعبروا عنها بأجمل وأروع القصائد ، وهي ذاتها الملهمة الأولى لوضع اللبنة الأساسية في رباط الزواج.
لعل أهم أسباب العزوف عن الزواج تكمن في القدرة المادية للشباب وغلاء المهور وإصرار بعض الفتيات على رفض الزواج من الشباب المبتدئين المكافحين ، متناسين بأن هؤلاء الشباب ينتظرهم مستقبل باهر ، فنجد أن بعضهن يبحثن فقط عن الثراء وعن من يحقق لهن طموحاتهن.
فالمرأة التي كان جل طموحها قديما ينصب نحو الإرتباط بفارس الأحلام، أصبحت في يومنا هذا نتيجة لضغوطات الحياة العصرية لا تعبأ كثيرا بوجود هذا الفارس في حياتها ... بل ويمضي العمر ببعضهن دون أن يجرفهن الحنين الى الزواج أو إنشاء أسرة. فالوظيفة والتحصيل العلمي أصبح يغري بعض الفتيات بالعنوسة الإختيارية.. لتؤجل فكرة الزواج بحجة أنه يحد من حريتها متناسية بذلك أن العمر والأيام تجري سريعا.
فليس صحيحا أبدا أن الرجل على طول الخط يقمع المرأة وبأنه يحد من حريتها ويمارس عليها وصايته التاريخية ، والدليل على ذلك الحرية التي تتمتع بها الكثير من النساء المتزوجات سواء في تنقلاتهن اليومية أو في إختيارهن لأعمالهن وأسلوب معيشتهن .
ان من أخطر المشاكل المتأتية من جراء إنتشار العنوسة هي الإنحرافات السلوكية التي قد تصيب بعض أفراد المجتمع، ومنها إزدياد الفساد الأخلاقي وإنتشار الأمراض النفسية والجنسية .
فجزء كبير من الحل يكمن في تسهيل وتبسيط الأمور المتعلقة في إتمام الزواج ... فالبساطة هي بمثابة فرصة كبيرة لإنجاحه ، وكذلك التحلي بالصبر والقدرة على التغاضي عن المعيقات والأزمات الصغيرة ، تجعل من الفرد ممسكا بزمام الأمور ، وعلى وعي ودراية أكبر بأهمية وضع الحلول البديلة والبسيطة التي قد تقف عائقا أمام أي زواج.
أجدادنا كانوا قد ضربوا لنا أروع الأمثال في نجاح الحياة الزوجية، وذلك بسبب بساطتهم وتعاطيهم مع الحياة ببساطة التي كانت كنزهم الثمين الذي لم تبدله السنون ولا العمر .
الزواج هو سنة الله في خلقه ... والأسرة المتزنة السليمة الأعضاء هي لبنة التماسك الأساسية في بناء الوطن ..
diana-nimri@hotmail.com
الراي.