في عام 1970 ولأسباب ذاتية وموضوعية في ذلك الحين انفصل الدفاع الامني عن الامن العام اداريا، لتنفصل عنها بعد ثمانية اعوام ماليا ، اما قوات الدرك، فقد سجلت بداياتها الأولى مع تشكيل أول حكومة أردنية في 11 نيسان/ أبريل 1921، وكانت نواة الأمن العام، في مطلع القرن الحادي والعشرين، جاءت توجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني، بإعادة تشكيل قوات الدرك، وصدرت إرادة ملكية سامية بالموافقة على قانون قوات الدرك في العاشر من تموز لعام 2008.
واستمر الوضع على ذات الحال لمدة اكثر من نصف قرن مرت فيها المملكة بالكثير من المراحل السياسية والاقتصادية على اكثر من مستوى، وكان لذلك القرار اهميته وتأثيره في ذلك الوقت.
وبقراءة متمعنة في التوجيه السامي لجلالته حول هذا الموضوع، يتبين لنا مدى الحرص من قبل البلاط على اقتصاد المملكة والمصلحة العامة، حيث بين جلالته ان دمج المؤسسات حيثما أمكن ذلك، لما يحققه من وفر للخزينة العامة وضبط للنفقات، وتنسيق الأداء، بما يؤدي إلى النهوض بمستوى الخدمات المقدمة للمواطن.
ولم ينسى جلالته ايضا ان يشيد بدور هذه المديريات على تضحياتهم وخدماتهم الجليلة التي قدموها للوطن مع التأكيد من قبلهم على ان هذه المؤسسات ستواصل عملها المشرف واداء مهامهم الجليلة في تعزيز تطبيق مبدأ سيادة القانون، اي ان المهمة الاساسية لها مازالت باقية وموجودة مهما كانت الجهة التي انتمت اليها اداريا.
لقد مر البلد بالكثير من المشاكل، اقتصادية كانت ام سياسية، وتحديدا اقتصادية في ظل التحديات التي واجهت المنطقة وخصوصا الدول المجاورة للأردن المعروفة بكثرة ازماتها، والتي لم تكن تأُثيراتها بعيدة عنا،وفي ظل الكثير من الاحتجاجات التي شهدناها والتي اخذت منحى اقتصاديا بسبب ارتفاع نسبة البطالة وقلة فرص العمل وهجرة العقول النيرة للبلد الى الخارج، لذلك كان من المهم ان تكون هناك خطوات جبارة تضع الحكومة في اطار التنفيذ السريع لمطالب الجماهير التي يؤكد الجميع على انها هي الفيصل في كل امر يواجه المملكة.
ولابد من ان المسؤولين في السلك العسكري والامني في مختلف الأطر هم من يحدد الأسباب الموجبة لهذا القرار، لكنني وكمواطنة ارى معاناة شباب بلدي بكل وضوح استطيع القول، بأن هذا الدمج سيكون له تأُثير كبير على الجميع من حيث تحسين اداء هذه المؤسسات بوجود مرجعية ادارية واحدة وتنظيم مصاريف هذا السلك وتصفية من كانوا دخلاء عليه وتقوية الاداء التدريبي والدفاعي لقوات عرفت ومازالت تعرف بشجاعتها وبسالتها على اكثر من صعيد وباتت هي المرجع للقوات التابعة للكثير من الدول من حيث الاستفادة من تجاربها الناجحة.
ان هذا القرار قد انهى الكثير من محاولات المحسوبية التي كان من الممكن ان يُخطط لها من قبل هذه الجهة او تلك للتلاعب بمقدرات الشعب واقتصاده، ومع ان تطبيقه بوجود تشريعات مناسبة يتناقش بشأنها ممثلوا الشعب ستأخذ وقتا لابأس به، لكن مجرد اخذ الخطوة الاولى كان له اثر ايجابي وقوي على عموم ابناء الشعب الذين شعروا بالارتياح مع التأكيد بأن قيادتهم لم ولن تتخلى عنهم .
مازلنا نقول ونؤكد، بأن المملكة بحاجة الى نهضة اقتصادية تبدأ من جميع الاتجاهات ولايستثنى اي شخص او اية جهة او طرف من هذه النهضة المطلوبة، ونحتاج في هذا المجال الى اعادة رسم الهيكلية الحقيقية للسلك العسكري في اطار القانون والدستور وبشكل لايقلل من شأن اي من المؤسسات، حيث لايمكن ان يشعر المنتسبين لها ومن يعمل فيها بأن الدمج جاء استصغارا لدورهم، بل ان الخريطة عادت لأصلها وعادت المؤسسة الامنية الى التوحد بدلا من الشتات واهدار الاموال التي يحتاجها كل فرد في الاردن.
سيدنا، نحن حقا بحاجة لهكذا قرارات ، هذه القرارات مطلوبة ومهمة لحلحلة كل المشاكل الاقتصادية والادارية التي تواجه البلد، نحن بحاجة حقا لأعادة هيكلة وترتيب في كافة مؤسسات الدولة بقرارات حكيمة وشجاعة تعيد للمواطن ثقته بحكومته ودولته وبلده وليشعر بان كل المؤسسات تعمل لخدمته وهو الاول دوما في كل قرار يتخذ بل هو الاساس في كل خطوة تخطوها الدولة .. عونك ياسيدنا، كلنا معك في قراراتك الشجاعة، المهمة، والمطلوبة.