انور الحناوي وجوزيف نصراوي .. حلّقا بنفسية .. الجندي المجهول
جورج حداد
27-05-2007 03:00 AM
أمس اقرأ ان أنور الحناوي وجوزيف نصراوي قد غادرانا الى غير رجعة ،
انور الحناوي وجوزيف نصراوي ان من يجهل هذين الاسمين وجهل صاحبيهما يكون قد فاتته متعة التعرّف بميزة الانسان الراقي ، الجدير بالاحتذاء ،لا اعتقد أن مواطنا اردنيا مهتما ومعنيا بشؤون التربية والتعليم وبتلك المتصلة بالرياضة وتاريخها في الاردن ، يجهل أو.. يمكن ان ينسى ما لهذين الرجلين أو.. كما هو اصح ، العملاقين من بيض الايادي وبهاء التضحية وروعة العطاء وقيم الاخلاص والتفاني والوفاء في الحقول التربوية والتعليمية و.. الرياضية وبخاصة.. في اربد وعمان،،.
انور الحناوي بدأ معلما قبل ان يغدو واحدا من الرموز اللامعة في الادارة التربوية ، سواء في ثانوية اربد ، اواخر الاربعينيات واوائل الخمسينيات أو في الكلية العلمية الاسلامية في عمان ، الى جانب صديقه ورفيق دربه المدير و.. الوزير فيما بعد ، بشير الصباغ،،.
في اربد ـ كان اداريا متشددا ، وكان يلجأ الى الحزم في ملاحقة الطلبة والتلاميذ المتغيبين والهاربين لذلك. كان يُحسب لعصيّه الموجعة.. الموجعة ، الف حساب من امثالنا من التلاميذ المتهاملين العُصاة الذين كانوا ، اذا لم يعجبهم المعلم عمدوا الى الفرار من حصصه تعبيرا عن عدم رضاهم،،. والعقاب المدرسي انذاك كان له اكثر من وسيلة ، فثمة ضرب بالعصا ، والخيزران على الايدي ، وثمة «حرمان» أي وجوب الدوام في المدرسة ايام الجمعة والعطل ، وثمة ، مجلس تأديبي لمحاكمة «مرتكبي الكبائر» من الطلاب والتلاميذ،،.
هذه كانت صورة الوضع ، قبل ان (يتطور،) التعليم في بلادنا ويصبح ضرب المعلمين امرا عاديا مألوفا في زمن التطور والتقدم في مسيرة العملية التربوية،،.
وصحيح ان انور الحناوي كان حازما متشددا وصاحب «عصا غليظة» موجعة الاّ ان «المضروب» المعاقب ، لم يكن يلمس في عصا الحناوي ، على شدة ألمها ، نفسية سادية معقدة ، بل. على عكس ذلك تماما ، كان يرى خلفها نفسية الغيور الحريص على النظام،،.
باختصار.. الحناوي كان احد كبار البناة الاوائل الذين رهنوا وجودهم وحياتهم برسالة التربية والتعليم، ،
وشأن الحناوي في الحقل التربوي ، هو نفسه شأن جوزيف نصراوي في الحقل الرياضي وتاريخ الرياضة في المدينة التي كانت تسمى «عروس الشمال» قبل ان تصبح.. عجوزا،، اربد اليوم ، غيرها بالامس. اربد التي كانت مزنّرة بالحقول والمقاثي والحدائق استبدلت بهاءها وجمالها الأخاذ ، بغابات الحديد والاسمنت التي أتت على نضارتها وسهولها الخضراء الملوّنة،،.
ليس من رياضي ولا معني ، بالشأن الرياضي في الاردن ، لم يعرف ولا يعرف جوزيف نصراوي من بين كل اعضاء فريق كرة القدم الذي كان جوزيف يلعب (حامي هدف) فيه لم يواصل اهتمامه بالرياضة والاندية الرياضية احد منهم باستثناء جوزيف.
جوزيف ظل رياضيا وذا روح رياضية وذا اخلاق رياضية حتى بعد ان (تقاعد) رياضيا ، بحكم السن وظروف العمل،.
جوزيف ابو حنا ، كان وسيبقى عنوانا كبيرا للرياضة في اربد. كان الداعم الاول للرياضة بكل ما ملكت يداه ، في هذا الميدان كان عطاء جوزيف النصراوي بلا حدود.. ابدا بلا حدود، ،
وروح جوزيف الرياضية التي ظلت تميزه ، في شتى الامور والحالات ، هي التي تدفع عارفيه واصدقاءه وخاصة.. ابناء بلده الى الاحساس بعمق الفجيعة التي تركها خلفه جوزيف عندما غاب،،.
انور الحناوي وجوزيف نصراوي.. كل منكما حلّق في ميدانه والذي يحلق بنفسية الجندي المجهول ، يظل محلقا حتى بعد غياب الاجساد،،.