النائب الاسبق العبادي يكتب ل عمون : " بين عصرين "
10-12-2009 07:43 PM
نمت في " العصر الذهبي " وصحوت في " العصر الرفاعي "
" قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير "
سبحان مَن تفرد بالبقاء والعظمة والكبرياء، سبحان مغير الأحوال والعظماء، سبحان الذي ملكه لا يحول ولا يزول، سبحان الذي يغير ولا يتغير وكل مَا ومَن سواه يزول، وكل مُلك عداه إلى أُفول، وكل موظف لا شك معزول، سبحان الذي يؤتي ملكه لمن يشاء وينزعه عمن يشاء.
إن هذا المقال كتبته في الحال ليكون كلمة وفاء للأخ نادر الذهبي ... في الوقت الذي كثرت سكاكين الذين يلعنون السابق ويوالون اللاحق، مع أنه خرج فيما أعلم نظيف اليد عفيف الفرج أديب اللسان.
علماً بأني أُكِن للذهبي ولمعظم حكومته كل احترام وتقدير وقد قدم الكثير الكثير بجد وإخلاص منقطع النظير حتى حاز شخصيا نسبة تعتبر من أعلى نسب نجاح الحكومات بحسب نتائج مركز الدراسات الإستراتيجية بالجامعة الأردنية لعدة مرات كان أقلها 59 % وأعلاها 66 % من حيث قدرته على تحمل مسؤوليات المرحلة أما حكومته فحصلت على نسبة تتراوح بين 48 % و 59 % ، ولعل سبب التراجع الخلافات بين أعضاء حكومته وعدم قدرة بعضهم على القيام بمسؤولياتهم، وقد قال الله تعالى " ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم " أي قوتكم، وللأمانة كانت نسبة حضوره لجلسات مجلس النواب تدل على الجدية والانضباطية وخاصة في الدورة الاستثنائية حيث بلغت ( 17 من 19 ) وهي ثاني أعلى نسبة بعد معالي وزير الشؤون البرلمانية غالب الزعبي في الوقت الذي لم يحضر بعض وزرائه ولا جلسة أو بعض جلسة ... بحسب استطلاع صحيفة الرأي، وهي نسبة تفوق نسبة حضور معظم أعضاء مجلس النواب الذين لم ولن يعلنوا يوما أسماء الحضور والغياب والتأخير عن الجلسات واجتماعات اللجان أو المغادرة قبل نهاية تلك الجلسات والاجتماعات، ولذلك ساءني جدا الهجوم الشخصي الذي تعرض له دولته من أحد نواب الشمال في بيان شديد السوء، ولم أدافع عن الرئيس حينها حتى لا يقال تزلف له، أقول ذلك على الرغم من أنني لم أتعامل معه مباشرة ولا أعرفه شخصياً وعلى الرغم من أنني منعت وبعض زملائي من الخطابة أثناء حكومته، لكن الحق يجب أن يقال.
كما نثرت مقالي ليكون مفتاح نصيحة إخاء للرئيس الجديد سمير الرفاعي فالدين النصيحة ... وخاصة لأئمة المسلمين بعد الله ورسوله فضلا عن عامتهم، علماً بأنه أول مقال بين يدي مقالات أخرى تشكل همسات صادقة في أُذن دولته أعانه الله وسدد على طريق الخير خطاه.
وبعد؛ فلقد نمت القيلولة عصر الأربعاء 9 / 12 / 2009 م في ظل حكومة " الذهبي نادر "، ثم استيقظت في ظل حكومة الرفاعي سمير " الثاني "، فما بين غمضة عين والتفاتتها يغير الله من حال إلى حال، وأسأل الله أن يجعلنا في أحسن حال، ولا أخفي أني تفاجأت باختيار الرئيس لأن الخبر وصلني عبر مكالمة من أخ حبيب في مصر أبلغني بالتغيير الوزاري وهو ما خفي على صحافتنا كلها تقريبا.
إن الأخ الرئيس هو سمير زيد سمير طالب الرفاعي، وهو من بيت اجتمعت فيه أربع دُول أعني أن أسرته ضمت أربعة رجال شرف كل منهم بلقب دولة وهو لقب لا يمنح إلا لمن كان رئيس وزراء، فسمير بن زيد رابع " السادة الرفاعية " اللذين شكلوا الحكومات الأردنية منذ تأسيس الإمارة ثم المملكة الأردنية فاستلموا رئاسة الوزراء وشكلوا ثلاث عشرة حكومة_ حتى الآن _ .
ولعلها بركة _ بعد فضل الله وكرمه _ تعود للنسب الرفاعي الكريم الذي يطلب بعض العوام من صاحبه المدد، ثم تعود لجديهم الأديب " طالب أحمد الرفاعي " وهو من صفد بفلسطين الحبيبة وزوجته الفاضلة نجلاء بكار وهي من مرجعيون بلبنان رحمهم الله تعالى جميعا.
وهي لا شك بركة سياسية دنيوية جينية غير مسبوقة في تاريخ الأردن الحديث فاقت كل أسرة سواهم ولم يرتق لها حتى آل بدران الذين لم يحوزوا سوى رئاسة حكومتين _ باستثناء التعديل _ أعني الأخوين الكريمين " مضر وعدنان " حفظهما الله تعالى.
وهي بركة متنامية قد تعدتهم فوصلت لأصهارهم الذين حازوا رئاسة الوزراء أيضاً حيث تولاها السيد بهجت التلهوني رحمه الله وهو جد سمير زيد الرفاعي لأمه، هذا فقط البركة في رئاسة الوزراء ناهيك عن الوزارات التي استفاد منها باقي الأصهار كآل جودة الكرام.
فهنيئا لك دولة الرئيس هذا التراث العظيم الذي آل إليك كابراً عن كابر:
فجدك وسميك " سمير طالب أحمد الرفاعي " الذي ولد في مرجعيون عام 1901 شكل ست حكومات أردنية ما بين 1944 و 1963 وكان ثامن رؤساء وزراء الأردن والثامن عشر في تاريخ الحكومات الأردنية وشكل الحكومة التاسعة عشر وهي أول حكومة في عهد الملك عبد الله الأول بعد تحول الأردن من إمارة لمملكة.
وأخو جدك الشاعر الأديب عبد المنعم " أبو عمر " شكل حكومتين ما بين 1969 و 1970 م وكان رئيس الوزراء الثامن عشر للأردن وهو أصغر سنا من جدك سمير، وله ديوان شعري " مسافر "، وجمع بين الأدب والسياسة وولد في صور عام 1917 م.
أما جدك لأمك بهجت التلهوني الذي ولد في معان عام 1913 م فقد شكل ست حكومات أردنية ما بين 1960 و 1970 وكان رئيس الوزراء الرابع عشر للأردن، رحمهم الله جميعا.
وأما والدك زيد " أبو سمير " حفظه الله فشكل أربع حكومات ما بين 1973 و 1989 م وكان رئيس الوزراء الثاني والعشرون في تاريخ الأردن الحديث.
وهاأنت اليوم تشكل حكومتك الأولى وتحمل التسلسل 38 في رؤساء وزراء الأردن وحكومتك ستحمل الرقم 93 في سلسلة الحكومات الأردنية التي كان أولها عام 1921 برئاسة رشيد طليع، وأنت سابع رئيس في ظل حكم الملك عبد الله الثاني بن الحسين الذي ابتدأ عام 1999 م، فاحمد الله تعالى على تلك النعماء واشكره على ما آل إليك من سراء بخدمة عباده ورعاية بلاده وإحقاق الحق وإزهاق الباطل، فإنها لو دامت لغيرك ما وصلت إليك وإن اختارك يبدأ من اختيارك لرفقائك وفق معايير القدرة والكفاءة ... واتق في ذلك مولاك وأطع الملك ونفذ رغبته وهو الذي أوصاك " قُدْ مسيرة الإصلاح والتحديث واضمن حرية التعبير وابتعد عن الثغرات والاختلالات والوساطات والمحسوبيات بمنتهى الحزم والشعور بالمسؤولية وأبق القدس كل القدس خطاً أحمر لا نقبل تجاوزه ".
وللحديث بقية أيها الرئيس الشاب الوسيم وأسأل الله أن يوفقك لحسن الاختيار ويسدد خطاك ويرزق البلد خيرك وخير حكومتك، وسأبدأ مقالي القادم من اجتماع هام كنا فيه معا بمكتبك أثناء توليك لوزارة البلاط.
من أجل التواصل
nidalabbadi@hotmail.com
0776603000
الكاتب (نائب اسبق)..