الرئيس المكلف .. امتحان صعب ومسئوليات جسام
د.خليل ابوسليم
10-12-2009 02:53 PM
عمون - احداث متسارعة تلك التي شهدتها الساحة السياسية الاردنية، وتغييرات كبيرة حدثت خلال الايام والاسابيع القليلة الماضية طالت السلطات برمتها وآخرها السلطة التنفيذية، ليبقى- قائد الوطن- فارس التغيير ما غيره، الذي اصر على امتطاء تلك الصهوة مثلما تعودنا منه على التدخل المباشر كلما دعت الحاجة لذلك حيث ما عادت الرسائل تجدي نفعا كي تؤتي ثمارها كما هو طموح جلالته، ولان الاداء كان اقل بكثير من الطموح، ولان لكل زمان دولة ورجال، ولان آخر العلاج الكي، كان لا بد من التغيير بعدما كاد الشعب ان ييأس من كثرة الخوض به في بحور لا يتقن فن السباحة فيها، لتبقى عزيمة القائد التي استلمت التجديف لترسو بنا على شاطىء الامن والامان.
مهما أوتينا من جوامع الكلم سنبقى قاصرين عن الاحاطة بكل المعاني والاهداف التي جاء بها كتاب التكليف السامي، حيث كان حافلا بالعديد من التوجهات والرؤى الملكية، والتي تستحق ان تكون ميثاق شرف بمجملة لكل مواطن ومسؤول، وهي بحاجة الى بذل المزيد من الجهود المخلصة من اجل النهوض بها والقيام بأعبائها، وهو يلخص بعين عدم الرضا ما جرى في الحقبة الماضية باسلوب ملكي رفيع الطراز، ليشكل ادانة صريحة لكل المسئولين السابقين على تقصيرهم في اداء الواجبات المنوطة بهم، حيث ما انفك هؤلاء المنافحين في الدفاع عن سياساتهم وقراراتهم التي كادت ان تعصف بالبلد لتلقي به في غياهب الجب بعد ان فرطت او كادت بانجازات سابقة تحققت بجهد الاوفياء المخلصين من ابناءه الطيبين.
مثلما يؤطر بعين الامل لمرحلة جديدة من البناء والتحديث والتطوير، وضرورة البدء باصلاح الداخل الذي افسده السياسيون، واستعادة ما سلبه تجار الاوطان والابدان، حيث استشعر جلالته عظم الهم وكبر الحمل الذي يرزح تحت وطاته المواطن الاردني، والناتج عن العديد من السياسات والمارسات الخاطئة التي أدت الى تآكل مساحة الحرية والنزاهة بعدما جاءت على كل مقومات بقائه الاقتصادية والسيادية، ليس اقلها استمراء كرامة المواطن والتعدي على حقوقهم السياسية وحرياتهم الشخصية ومقدراتهم الاقتصادية، الى ان وصل الامر في البعض منهم الى المقايضة والمساومة على حقوق الوطن والمواطنين، مقابل عطاء هنا وامتياز هناك.
ولم يعدخافيا على الملك ان العديد من الاشخاص والتشريعات ساهمت بشكل او بآخر بالعديد من التجاوزات، لكنه كان يبعث بالرسائل ويعطي الفرصة تلو الاخرى على أمل التصحيح المنشود والذي بات انتظاره صعب المنال دون تدخل ملكي،لذلك أمر جلالته باجراء التعديلات التي تناسب خصوصية الدولة الاردنية والمواطن الاردني، بدءا بقانون الانتخاب حيث في صلاحه استقامة لمعظم امورنا وجلاء لكافة همومنا، ذلك القانون الذي مزق الوطن وعمل على حرمان العديد من المحافظات من عدالة التمثيل في مقابل تغول العاصمة على بقية المدن واستئثارها بجميع الموارد والامكانات، وحمل الينا العديد من الاشخاص الذين هبطوا علينا بقوة الدفع الرباعي، وغير المؤهلين لقيادة قطيع من النعاج فكيف بهم لتشريع قوانين لم يتوفر لهم ادنى معرفة بها، وكيف يستقيم الوضع والحال كذلك وانا اكاد اجزم بان معظمهم لا يعرف عدد المحافظات الاردنية ولا في اي جهة تقع، هذا ان استطاعوا ان يحددوا لنا حدود الاردن الجغرافية.
الامر المهم الآخر والذي سطره جلالته في الكتاب السامي وهو ان جلالة الملك طلب من الحكومة الجديدة ضرورة وضع الخطط والبرامج اللازمة لتنفيذ الرؤى الملكية وحدد لها سقفا زمنيا لذلك، اي ان الحكومة باتت محكومة بسقف زمني حدده القائد مسبقا، ليعمل جلالته بنفسه على تقييم اداء الفريق الحكومي بعد ان لمس جلالته العديد من الثغرات والاختلالات في مسيرة الدولة والتي وقفت كل الحكومات والسياسيين عاجزين عن تلمسها ووضع الحلول لها لا بل ان العديدين منهم ساهم بشكل كبير في ايجادها، حيث لم تعد تجدي معها عمليات الترقيع.
بقي ان نهمس في اذن الرئيس المكلف -داعين له بالتوفيق- مذكرين بقول الله تعالى " إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا "، أما وقد أولاك القائد ثقته العالية، ولأنك امام امتحان صعب ومسؤليات جسام،وآمال كثيرة وكبيرة معلقة عليك، وأن التاريخ لا يرحم، فإياك من تجريب المجرب وعليك ولا تأخذك في الوطن لومة لائم، فانت على ثغرة من ثغر الوطن فلا يؤتين من قبلك.
kalilabosaleem@yahoo.com