الأردني الجيد والفلسطيني الجيد
شحاده أبو بقر
15-12-2019 12:46 PM
قبل أزيد من عشرين عاما ربما، كتبت مقالا بالعنوان أعلاه في إحدى الصحف المحلية، وهو عنوان استعاره المرحوم خالد محادين بعد ذلك بسنوات وكتب فيه، كما فعل غيره بحسب ما أذكر.
اليوم، أجد أن حال البلاد والعباد، وقد فعلت سنوات القهر والفقر وحروبها وما خالطها من مؤامرات ومخططات وأطماع إقليمية وعالمية وسوى ذلك من شرور العصر، تزين لي العودة ثانية للكتابة تحت العنوان ذاته، خاصة وان كل حركة وكل سكنة وكل كلمة وكل فعل يمارس بحقنا أردنيا وفلسطينيا وعلى وجه الخصوص، يقول لكل صاحب بصر ينتج شيئا من بصيرة، أن شعار الوحدة الوطنية، لم ولن ينفع ولن يجدي، إن هو بقي مجرد شعار يردده ساسة في مناسبات، وإنما بات حالة مطلبية ملحة جدا، لكل من يتشبث بالأردن وطنا لا تنازل عنه، وبفلسطين وطنا يجب أن يعود وأن يتحرر رغم أنف المحتل وأعوانه، أيا كانوا وكان جبروت قوتهم في هذا الزمن الذي نعيش.
وعليه، حرام يستوجب عقاب الرب سبحانه، أن يحقد أو يتعنصر أردني ضد فلسطيني، وحرام بالسوية ذاتها، أن يحقد أو يتعنصر فلسطيني ضد أردني، وهنا لا أتحدث عن حالنا هنا في المملكة الأردنية الهاشمية فقط، وإنما أتحدث عن كلنا معا وعلى ضفتي النهر الخالد، وصغير جدا حد النذالة والغباء، من يفرق بين جاره ورفيق دربه وسكنه وعمله على قاعدة أصل وفصل، وهي قاعدة لطالما كتبت ضدها وتحدثت مع مسؤولين كبارا عن سوئها.
أجزم صادقا بإذن الله، أن فلسطين لن يتحرر شبر منها من دون الأردنيين، وقد جادوا كثيرا من أجلها بالدم والروح طوعا لا كرها ولا رفعا لعتب، وأن الأردن لن يصمد ولن يتقدم ولن يتطور من دون الفلسطينيين، وقد فعلوا الكثير على هذا الطريق.
وأجزم أكثر وصادقا بإذن الله، أن المخطط الصهيوني الظالم، عينه اليوم أكثر من أي وقت مضى على الأردن بعد أن استحوذ على سائر فلسطين وقدسها الشريف، لا بل وعينه على ما هو أبعد، ومن يعش يرى، ولنتذكر غثاء جولدا مائير عندما قالت في أم الرشاش على حافة البحر الأحمر بعد حرب حزيران (ها أنا أشتم رائحة أجدادي في خَيْبَر)! .
وأجزم أكثر وأكثر، أنها حرب دينية بلبوس سياسي ماكر تشن ضدنا أردنيين وفلسطينيين وعربا، منذ لامست قدم أول صهيوني مستوطن أرض فلسطين، وهم اليوم يجدونها فرصة لا تعوض، حيث العرب والمسلمون جميعا في سبات عميق نسأل الله لهم الصحوة منه قريبا بإذنه تعالى.
ذلك مخطط تآمري طويل ينسج تباعا كبيت العنكبوت، وينجح ويستمر لسوء الحظ، وما يهمني في هذه العجالة، هو علاقاتنا البينية هنا على الأرض الأردنية، ومع الداخل الفلسطيني كله من بحرنا وحتى نهرنا، والبداية من هنا من الأردن الذي لم يتنكر هو وأهله يوما لعربي ولا لمسلم ولا لإنسان باحث عن ملاذ مستقر آمن.
وعليه، أستميح من كل قارئ العذر في أن أقول، قاصر نظر غبي لا يرى أبعد من أرنبة أنفه ولا هو جدير بأن يدعي الآدمية، من يمارس قولا أو فعلا، كلمة أو سلوكا عنصريا ضد شقيقه رفيق دربه ومصيره الأردني أو الفلسطيني على الأرض الأردنية أو خارجها، ومتآمر متعاون مع العدو من قد يتنكر لفلسطين وللأردن تحت أي ظرف كان، فالأردني الجيد الشهم، هو من ينتصر لفلسطين وشعبها وقدسها وكل ذرة تراب فيها ، والفلسطيني الجيد الشهم هو من ينتصر للأردن ولحاضره ولمستقبله وكل ذرة تراب فيه، ومن كان غير ذلك، فليتلمس رأسه، وليعلم أن الله هو المنتقم، وفي الدنيا والآخرة معا.
الأردني الجيد، جندي من أجل فلسطين، والفلسطيني الجيد، جندي من أجل الأردن، ومتى كنا كذلك ونزعنا من قلوبنا كل سوء وحقد وغل وشائبة، نكون قد صحونا إن كان منا من هو غافل، وعندها، وأقسم بمن خلق السموات والأرض وما ومن بينهما، لن يقف في طريقنا الحر السليم الصادق الطاهر من كل نجاسة ودنس، عدو أو متكبر مستكبر مهما بلغ جبروت قوته وسطوته، ومهما توهم أن طريق مؤامرته سالك بين صفنا الواحد الصلب. الله جل جلاله من وراء قصدي