نغمة عدم حبس المدين مرة اخرى؟!
د.محمد جميعان
14-12-2019 01:53 PM
ان عودة اصوات عدم حبس المدين مرة اخرى كهمروجة إعلامية على مواقع التواصل الاجتماعي بطروحات اخاف انها تمثل حالة نفقد معها المصداقية فيما بيننا ، نتيجة ما نسمع عن ما سمي فزعات ومبالغ يتسامح اصحابها، احسب ان من حق الدولة ان تدقق في صحة ذلك، وهل المتسامح دفع ما عليه من ضريبة اولا وهي الاحق ، وهل اصلا ما قام به حقيقة ام هي دعاية وتضليل عبر مواقع التواصل الاجتماعي..
نعود ونقول كلما تشكلت عصبة او نخبة حول فكرة او منفعة يعلو الصوت بالمطالبات ، ويستديرون نحو مراكز الثقل السياسي من نواب واعيان واعلاميين ونشطاء مواقع التواصل لعلهم يجدون نصيرا لهم ، وطلب النصرة هنا ربما محاكاة لما يطرحه احد الاحزاب الدينية من سنين طويلة.
عدم حبس المدين ، وقبله الغاء الحبس في قضايا الشيكات ، من القضايا التي اثارها نخبة لها دوافعها، واخرين لهم منافع مباشرة فيها، وهي محل استغراب واستهجان وتفتقر لابسط قواعد بل وابجديات العدالة، سيما ان من يطرحها يبتغي ان تكون باثر رجعي ليستفيد منها وينتفع بها شريحة محددة على حساب شريحة اخرى ، وعلى حساب القواعد الاساس التي جرى عليها الدين او التعامل المالي، وتحت تبريرات معروفة اساسا لدي المدين قبل قبوله بالدين ، ويبدا الصوت يتعالى من منطلقات العسرة والتعثر والحبس .
القوانين ليست افكار مجردة ورغبات لهذا وذاك ، ولا هي اساسا بيد ساسة اونواب او مراكز ثقل او متنفذين اوسلطات تصوغه حسب اهوائها، بل في اطار معتمد وممتد من العدالة والمنطق والعادات والتقاليد وما استقرت عليه تشريعات سابقة يمكن الاستفادة منها ، في ظل ظروف ومعطيات وحالة من التشريع مطابقة او مشابهة للحال الذي الذي نحن عليها عند اقرار هذه التشريعات..
عندما تكاتب الدائن والمدين ووقع الدين كان في علم كليهما ان الحبس هو الضمانة الاكبر للوفاء بينهما، وتم ذلك برضا تام وتوافق بينهما، بل وعلى هذا الاساس يعتبر الحبس جزء من نظام مدفوعات توافقا عليه، فكيف اذن ان يعمد الى الغاء ركن اساس جرى على اساسه الدين وضمانة التحصيل ، واي عدالة هذا عندما يصبح حق الدائن ضائع وبلا ضمانة فاعلة، وكان الاجدر ان يعرف المدين حجم امكانته وضروراته وان يلبي العدالة ويلتزم بالوفاء ..
الحديث عن شركات ضامنه للدين لا يمكن فرضه على الدائن ولا يشكل ضمانة تحصيل ، ولا يمكن ان نسعى خدمة لمن يريد استحداث مثل هكذا شركات، علما ان هناك شركة واحدة يملكها اصحاب البنوك ورؤوس الاموال..
ان المطالبة بعدم حبس المدين او اسقاط الحبس في الشيكات ، تبعا لما هو مطبق في بعض الدول ، له مقيدات ويخضع لشروط ، وتعتمد الية واضحة وسهلة ومباشرة للرهن كضامن للوفاء بالدين ، ولا يمكن تطبيقه باثر رجعي.
ثم اليس هناك نظام مدفوعات اردني ، يخضع لاعتبارات كثيرة ، تخص النظام المالي والاقتصادي والاستثماري في الاردن ، وهناك مؤسسات صاحبة اختصاص في هذا المجال كالبنك المركزي لا يمكن تجاوزها بهكذا تشريعات ، تماما ولا يمكن ان يكون رهن مطالبات او اقتراحات او اثارة زوابع اعلامية بين فترة واخرى قد تؤثر على الاستثمار، وتخلق حالة بلبلة وتثير هواجس اصحاب المال والاعمال والدائنين.
واعود للتاكيد ان عودة "عدم حبس المدين" تعود الان اعلاميا كهمروجة على مواقع التواصل الاجتماعي بطروحات اخاف انها تمثل حالة نفقد معها المصداقية فيما بيننا ، نتيجة ما نسمع عن ما سمي فزعات ومبالغ يتسامح اصحابها، احسب ان من حق الدولة ان تدقق في صحة ذلك، وهل المتسامح دفع ما عليه من ضريبة اولا وعي الاحق ، وهل اصلا ما قام به حقيقة ام هي دعاية وتضليل عبر مواقع التواصل الاجتماعي..
من حق الناس ان يتاكدوا، ومن حق الدولة ان تحمي المجتمع من الدعايات والترويج المضلل الذي يضيع المصداقية بين الناس.