أزمات السير تتفاقم وتستهلك أوقاتنا وأعصابنا!
د. زيد نوايسة
12-12-2019 12:58 AM
يوماً بعد يوم تتفاقم أزمة السير المزمنة في العاصمة عمان والتي يلمسها كل المواطنين وتستهلك وقتهم وأعصابهم دون وجود بارقة أمل في حلها بالرغم من الرهان الكبير على المشروعات التي تعمل على إنجازها أمانة عمان الكبرى وأهمها مشروع الباص السريع والذي فاقم من هذه الأزمة نتيجة البدء في أغلب مراحله بنفس الوقت حتى غدا الذهاب لأي مكان يحتاج على الأقل ما بين 45 دقيقة وساعة، وربما في أوقات الذروة تحتاج لضعف هذا الوقت للدرجة التي أصبح الناس فيها يستعدون للتنقل داخل عمان كما لو أنهم مسافرون دولياً.
لم تعد الأزمة مقتصرة على فصل الصيف وعودة المغتربين والسياحة الخليجية، بل أضحت على مدار السنة. ولعل التوسع الكبير في استيراد السيارات والتسهيلات التي تقدمها البنوك وشركات التمويل ساهم في وجود هذا العدد الهائل من المركبات التي لم تعد الطرقات القديمة في عمان قادرة على استيعابها وهي المخصصة أصلاً لاستيعاب عدد محدود من السيارات ويُستعمل طرفاها كمواقف للسيارات ومنتصفها لأعمال الباص السريع ليتبقى مسرب واحد تقريبا لهذه الأعداد الهائلة من المركبات سواء للقاطنين في عمان أو القادمين من المحافظات يومياً.
تستطيع الجهات الحكومية بشكل عام والمعنية بشكل خاص وهي وزارة النقل وأمانة عمان والأمن العام التعامل مع هذه الأزمة مرحلياً باتخاذ جملة من الإجراءات للتخفيف من حجمها وذلك من خلال توزيع فترات الدوام بين القطاع العام بما فيه الجامعات والمدارس والقطاع الخاص بحيث يكون هناك فارق زمني مريح خاصة في أوقات الذروة. ويمكن أيضاً العمل على توفير حافلات للنقل الإداري للعاملين في الوزارات والمؤسسات الحكومية وتوزيعها بشكل عادل على مناطق العاصمة فتوفير حافلة تقل خمسين موظفاً يعني عملياً تخفيف الأزمة المرورية بمقدار خمسين مركبة خاصة، وأيضاً توفير حافلات لنقل الطلاب وعلى مدار الساعة للجامعات وكلياتها التي تقع ضمن نطاق العاصمة، وكذلك توفير حافلات لنقل المراجعين الى المستشفيات الرئيسة الكبرى في عمان وعلى مدار الساعة والتفكير في فكرة إعادة العمل بأرقام الزوجي والفردي فنادراً ما يوجد بيت ليس فيه مركبتان.
على المستوى الاستراتيجي لا بد من التفكير بحلول تجعل من فكرة استخدام وسائل النقل ثقافة وسلوك أساسي في حياة الناس وإذا كانت فكرة الباص السريع واحدة من هذه الحلول المهمة إلا أن العديد من المحاذير تكتنفها، وأهمها أن هذا الخط يغطي مناطق رئيسة من العاصمة وبالتالي يستدعي الوصول إليه وسائل نقل خاصة وبنفس الوقت لا يوجد مواقف كبرى للسيارات في محطات الباص السريع وبالتالي يضطر الناس لاستخدام مركباتهم الخاصة أو وسائل النقل المتاحة. لذلك يبدو التفكير ضرورياً وأعتقد أنه موجود لدى الجهات المعنية بأهمية وجود مترو أنفاق ويمكن تجاوز العقبة المالية بالذهاب لخيار POT (نظام البناء والتشغيل والتمليك)، وأعتقد أن الشركات العالمية والصينية تحديداً حققت نجاحات مهمة في هذا المجال.
يسجل للحكومة نجاحها في إنشاء طريق عمان التنموي الذي ساهم في تخفيف الازدحام المروري والوقت للقادمين من الجنوب باتجاه الزرقاء والمفرق والمعابر الحدودية مع السعودية والعراق. ويمكن التفكير بإيجاد طرق خارجية أيضاً للقادمين والمغادرين من المحافظات بحيث يتجنبون المرور بشوارع العاصمة على أن توفر الحكومة مواقف سيارات كبرى على مداخل العاصمة وحافلات نقل على مدار الساعة.
هذه مجرد أفكار لا أخال أنها بعيدة عن عقل صناع القرار، ولكن كلفة التراخي في التعامل معها يدفعها الناس من وقتهم وأعصابهم وصحتهم، وتحتاج وقفة مسؤولة لعلها تخفف من حالة الإحباط وتسجل في رصيد الحكومات المتناقص نتيجة ترحيل الأزمات وعدم التصدي لها.
(الغد)