(في رثاء جهاد جبارة)
من سيطوف الصحاري بعدك ، يناجي الكثبان والرمال في " وادي راجل " و"الرفاعيات " ، من يكتب للشيح وللعرعر ويلاحق الجمال المدفون على أطرافها ... من بعدك سيسهر في بيوت الشعر ، وينقل لنا تعاليل البدو وحكايات الفرسان ..
من غيرك يا حادي الصحراء وصهيلها يرافق الغيم، ويطوف مع الغنم في " المراح" ويصوّر لنا "الشباق" في الحلب ، و"يغّب" من حليب النوق ، ووجوه البدويات " بالعصبات" و"السيّال" المدقوق على الوجه ، ويرافق الرعيان وهم يسقون "الشياه" في الغدران، يناجيهم في باديتهم ، وقهوتهم ما زالت دافئة على النار والمهباش يدّق مع طلعة الفجر ، و"العربود" نائم تحت الجمر على صوت الربابة تصدح في الشق .
خذلناك يا جهاد عندما إنطفئ قلبك بالمرض مبكرا، فنسيناك وغابت كاميرتك وصورك ومسحوا اسمك من تحقيقاتك في الجريدة، ولكن لم يغب وجهك عن البدو وحكاياتهم .
أيها المسيحي العربي الأردني حتى النخاع ، الإسلامي الثقافة والوجدان .. طفت المساجد والكنائس ، كتبت المدن وحكايات القرى، قصائد البدو ووجههم ، ووثقت كل جمال بلادنا بعينك وعدستك وقلمك وبقلبك .
هكذا عهد المبدعين ، يغيبون بصمت رغم ضجيج الدنيا ، "عجّ" على غليونك وأمدد رجليك وخذ غفوة طويلة فلا أحد هنا ينافسك على مكانك إلا حاسد على ما تركت لنا من أثرك الطيب بيننا .