النزاهة والرقابة الاستباقية في الجامعات .. هل حان الوقت؟
أ. د. مجلي محيلان
11-12-2019 01:48 PM
ديوان المحاسبة في الأردن من مؤسساتنا الهامة والفاعلة، ومن مهامه الرئيسة الرقابة الإدارية والمالية على المؤسسات الأخرى للدولة, وتتولى هيئة النزاهة ومكافحة الفساد مسؤولية التحقيق والتحري في قضايا الفساد وملاحقة مرتكبيه بالإضافة لما يُحال إليها من قضايا وملفات مخالفة.
وللحقيقة والتوثيق فكلا المؤسستين تقومان بدوريهما بفاعلية وكفاية مهنية.
وانطلاقا من عملي إداريا وأكاديميا وجرّاحا فإن أي مرض أو موضوع أومسألة لا بدّ أن ينظر له من ثلاثة جوانب:
الوقائي: ويتلخص باتخاذ الإجراءات والمطاعيم والوسائل اللازمة لمنع وقوع الخلل أو الخطأ أو المرض, وهذه الزاوية قليلة الوقت والكلفة والضرر, ولها نتائج أضمن.
• العلاجي: ويتم بمحاولة إصلاح الخلل أو الخطأ أو المرض وهذه الطريقة تحتاج لوقت أطول, وكلفتها أكثر, وتحتاج إلى جهد أكبر، ونتائجها غير مضمونة.
التخفيفي: وهو دور استدراكي أو تلطيفي, وهو يأتي في المرحلة اللاحقة من الوقت لإصلاح الأضرار وتخفيف الآثار، ولكن بعد فوات الأوان.
إن ديوان المحاسبة وهيئة النزاهة ومكافحة الفساد (هما الذراع الرقابي القوي للدولة الأردنية) تقومان بالدورين العلاجي والتخفيفي باقتدار ومهنية وهذا جميل وعظيم.. ولكن الأجمل من ذلك هو التوسع في الدور الوقائي.
ذات زمان، حصل تعاون وتشارك وتكامل بين مستشفى الجامعة الأردنية وديوان المحاسبة في برنامج مُحْكم للتدقيق المالي المسبق, وكان من نتاجه المباركة أنه لم تُسجل أيّ مخالفة مالية على عمل المستشفى ولعدة سنوات في ذاك الزمان, والأجمل من ذلك والأهم أن ديوان المحاسبة كان حينها الشريك القوي لمستشفى الجامعة في المطالبة بحقوقه والمساهمة في إنقاذه من وضع مالي حرج.
نعم... هذا هو الدور الوقائي الذي أعنيه.
في معظم المؤسسات إن لم يكن جميعها, هنالك أجهزة رقابة داخلية ضمن الهيكل النتظيمي للمؤسسات, بوصفها متطلب للجودة والإدارة الرشيدة وهذا يقودني إلى التالي:
• أن تكون تبعية أجهزة الرقابة الداخلية في المؤسسات تبعية حقيقية فعلية (لا شكلية) لديوان المحاسبة وهيئة النزاهة ومكافحة الفساد، كلٌّ حسب اختصاصه وبالتنسيق المسبق في ما بينهم. وبذلك لا يتكلف ديوان المحاسبة أوهيئة النزاهة ومكافحة الفساد أو المؤسسة أي أعباء مالية إضافية.
• أن يكون مندوبو ديوان المحاسبة وممثلو هيئة النزاهة ومكافحة الفساد شريكا تكامليا مع وحدات الرقابة الداخلية في المؤسسات.
• أن يقوم هذا الجهاز التشاركي التكاملي بالتدقيق المالي المسبق والإداري الوقائي ومراقبة تنفيذ الإجراء التصحيحي إذا لزم الأمر.
وحيث أن الجامعات هي بيوت العلم والريادة والتغيير....
فلتكن البداية من هناك...
وأنا واثق بأن هذا سيكون له أثره المميز في ثالوثنا الحرج:
• المال: بالمحافظة على المال العام.
• الوقت: بالاستثمار الأمثل لوقت السلطات الثلات بدلا من هدره في إعداد التقارير المطولة والإجراءات القضائية والمناقشات البرلمانية.
• الجهد: بتكريس كل الإمكانيات لتعزيز التمنية المستدامة في كل المجالات.
والآن، عطفا على سؤال العنوان هل حان الوقت؟ نعم، بكل تأكيد، فلنبدأ.. ولنبدأ الآن ومعا إلى الأمام.
أستاذ – كلية الطب – الجامعة الأردنية
الرأي