لا ندري كيف سمحت "الدولة" لنفسها أن تطلب تأجيل الانتخابات النيابية الى إشعار آخر ، بعد أن أمَرّ الملك بإجرائها فورا ، ولعل " فور" الدولة الأردنية جاء بمعنى آخر ، فلألأت بقراراتها ، ونكصت عن اندفاعها للإصلاح والديمقراطية المنشودة وانطلقت في مرج الزمن بلا ضابط ولا حائط ، وأخشى ما نخشاه ، أن تهبط بنا الى هاوية الانتظار فتدق أعناق رواكب ظهر الديمقراطية ..
خاصة إذا لم تخرج حكومة الذهبي بقانون الانتخابات المنشود والذي يجب أن يؤكد على حق الأردنيين في مختلف مواقعهم وخاصة الألوية والمناطق التي همشت طويلا ، أو أن تأتي حكومة جديدة تفصّل ما يراد لنا تفصيلا من أثواب لا تليق بنا ، ومقاسات ضيقة جدا تحبس أنفاس فضائنا الشعبي ، وتأتي بأنصاف مسؤولين يصدرون قرارات ، ولا يملكون قرارهم .
نعلم تماما إن هناك مصالح عليا للدولة ، والجميع موكول بالمحافظة عليها ، والعمل من أجل خدمتها ، ولكن أين حق المواطن من وجود مجلس نواب منتخب تأسيسا على قانون انتخاب يضمن حق الجميع في تمثيل محترم ، غير مخجل ، وتمثيل وطني أردني منتم للأردن الوطن وللشعب الأردني الذي عانى من ويلات الزمان ، ونفاق أهل المصالح والجبناء الذين ينكصون عن قول الحق ، رغبة في تحقيق أحلامهم العائلية ، ومصالحهم الشخصية ، فقبلوا بالمناصب حتى لو جرّوا المصائب .
كان الواجب أن لا "تطلب دولتنا " من صاحب الشأن التأجيل الى إشعار آخر بل أن تحدد بتاريخ ، فطول الأمل كارثة البشر ، واذا كانت الدول عند البعض تقاس بالأعمار فضلا عن الإنجاز ، فإن الأعمار تعدّ بالسنين والسنين تـُعد بالأيام ، وإن لم تحدد تواريخ إنجاز " النفق " ستبقى مرحلة العمل مظلمة ، وستتكاثر الأخطاء ، وتستقوي مؤسسة على أخرى في هذا البلد ، وتتكاثر فطريات القرارات والقوانين ، وتعود حليمة لعادتها القديمة .
وإن كان السواد الأعظم من الشعب الأردني قد يأس من مقولة الديمقراطية الأردنية العرجاء ، فإنه لم ييأس من الحق الدستوري الذي يعلن الدولة نيابية أولا ، وحق المواطن في اختيار من يمثله للمجالس النيابية ، وإذا ما توافقنا مع شعبنا في إن بعض أعضاء المجالس النيابية باتوا حملا زائدا على ظهور الأردنيين الشمّ ، الأباة ،المخلصين ، الجمرّ الملتهب تحت رماد الصبر ، من أجل وطن أجمل ، والحب للقيادة الهاشمية الأفضل ..
إذا ما توافقنا معهم فإننا نرى إن التأجيل المتوقع ولعله " اضطراريا " كما استحله بعض المحللين ينبئ عن أمور جسام ندعو الله أن يجعلها صلاحا وخيرا لهذا الوطن الذي لم يعد يحتمل المزيد من المفاجآت أو المناورات التي تنتهي بنا دائما الى العودة للمربعات الأوّل ، و مراجعة المراحل السابقة التي يعلق بها العديد من السلبيات على المستويات السياسية والاقتصادية وما أكثر الاجتماعية فيها .
لا شك إن الوطن قوي بمجلس نواب أو بدونه ، ولكن الظروف المحيطة ، والسياسات الخارجية المتربصة ، ومشاريع الحلول السياسية في المنطقة ، وتبدل الأدوار داخل الوطن نفسه يدعونا التأكيد على وجود مجلس نواب قوي الشكيمة غير خانع لإغراءات الحكومات ولا مطأطأ لمطالب عواصم الدول المساندة لإسرائيل ،، كي يبقى الأردن الوطن قويا لا يتمكن منه ثاو ٍ ولا مارّ ، أكانت دول ، أو ممثلين عن دولهم ، أو صناديق الإقراض الدولية التي أهلكتنا
نتمنى أن لا تمتد العطلة الديمقراطية الى أشهر كثيرة تتعدى " عام 2010 عام الإصلاح " فتتحول الاستراحة الى سبات طويل ، نعتاد فيه على الوضع الجديد بلا برلمان ، أو تستغل الفترة الطويلة في طبخ قانون انتخاب جديد يجور على الأردنيين وعلى الهوية الوطنية ويحقق غايات " زلم واشنطن " الذين لا يتورعون من التضحية بالشعوب العربية والهوية الفلسطينية قربانا لدولة إسرائيل وإراحتها من نشامى فلسطين الذين يقضون مهجع تل أبيب في صمودهم ومقاومتهم واستبسالهم رغم كل الظروف الضاغطة على حياتهم .
و من يعرف نقطة ضعف الجَمّل يعرف كيف يطرحه أرضا ، وما نقطة ضعفه سوى ذنبه ، فمن تمكن من ذنبه طرحه أرضا ، فهل انتبهنا لصغائر الأمور التي تمر علينا دون حذر ولا تحذير ، وإن وقع الجمل لا قدر لا ولا كان ، فهل لدينا القوة التي نهب بها "فورا " للنهوض به وحمايته ، وكسر شوكة الطارح والضارب والمقسّم المغنم والشاحذ سكينه ؟ ،، أم إننا بحاجة الى أن نحمي الدولة من نفسها ، قبل أن تعطي الأوامر للديمقراطية بالسير الى الوراء .
Royal430@hotmail.com