ما بين هونغ كونغ وعمان .. وعجباه
د. بلال السكارنه العبادي
08-12-2009 10:48 PM
شاءت الظروف ان اتواجد في هونغ كونغ في الاسبوع الماضي للمشاركة في مؤتمر علمي دولي حول ادارة المعرفة وذلك مبعوثاً من جامعة الاسراء التي تسعى الى تنمية اعضاء هيئةالتدريس لديها بما يحقق مصلحة تطوير التعليم العالي وكان في هذا المؤتمر مشاركة عالمية لأكثر من ثلاثمائة باحث من كافة انحاء العالم وكان برفقتي زميلي الدكتور فالح الحوري، ورايت في هونغ كونغ ما فاق التصورات والتوقعات من حداثة وتطور ونموذج للدولة والمدينة الحديثة وكأنك في دوله اوروبيه وليس احدى دول العالم الثالث وتمنيت ان تكون عمان العاصمة الحبيبة بمثل ذلك التطور المذهل الجميل ، وانني ادعو امين عمان الكبرى وكافة اعضاء مجلسها البلدي بزياره هذه الدولة ليروا بعينهم كيف ان العزيمة والارادة والاخلاص والتفاني في العمل تشكل احد الاستراتيجيات الحديثة في البناء والتطوير واقامة المدن الحديثة والرائعه والجاذبه لاهلها وزوارها.
فترى هنالك شبكات الطرق الواسعة فلا ازمات سير تذكر ولا حوادث على الطرقات ولا اشغال واعمال واغلاقات مستمرة للشوارع ولا حفر ولا مطبات ، تجد الامتداد الرائع والتحرك الانسيابي السلس والمتناسق للقطار السريع ( المترو) ما بين كافة احياء هونغ كونغ وجميع المواطنين يستخدمون هذه الوسيلة بمنتهى الدقة والاناقة فأمنيت النفس لو كانت لدينا مثلها تجوب في شوارع عمان تحمل ابناؤها تخفف من حركة سياراتها العشوائية والتي لاترى فيها الا سائقيها فاصبحت السيارات اكثر من البشر والازمات تحاكي بعضها ما بين التقاطعات وحتى الانفاق والجسور وعلى كافة امتدادات شوراع عمان الحبيبه ، وترى ايضاً في هونغ كونغ روعة تنظيم وسائط النقل من الباصات وآلية حركتها وجمعيها مبرمجة بارقام محددة وواضحة وليست باسماء جبال واحياء عشوائية كما في بلدنا وحتى حركة سيارات التكسي والقطارات التي تتحرك بانسيابية في داخل المدينه دون استخدام يذكر للزوامير وتشحيط للبريكات وغيرها من الظواهر السلبيه لدينا .
وما جلب انتباهي واستغرابي ظاهرة ممنوع التدخين الممتده في كافة ارجاء الدولة وليس في اماكن محددة ، حيث تم تخصيص اماكن للمدخنين في تقاطعات الشوارع ويوجد صناديق مخصصة لمن اراد ان يرمي عقائب السجائر بها وما يجلب الانتباه انه في هذه الاماكن لا ترى الا شخص او شخصين من يدخن السجائر وغالبيتهم من الزوار والوافدين على هذه الدولة، اما نظافة الشوراع والتي تعتبر هونغ كونغ ثاني انظف مدينة في العالم كانت من اجمل الاشياء التي رايتها فيها فلا اعقاب سجائر ولا اوراق ولا قمامة تتطاير هنا او هناك ولا قطط تتجمع على الحاويات او كلاب تنبح اثناء ساعات الليل لايقاظ الاطفال .
وما يزيد المدينه اناقةً وتحضر انك لا تشاهد المتسولين على الاشارات الضوئية ولا على جنبات الطرق وجميع المواطنين يتحركون بشكل رائع وانتظام في استخدامهم للمرافق العامه والمتنزهات المزروعة بالورود والاشجار ، وترى الاسماك في البرك الاصطناعية دون ان يؤذيها احد ، وما يزيد احترامك لاهل هذه المنطقة عندما تستفسر من احدا منهم عن شارع او مكان معين يساعدك ويرشدك بمنتهى اللطف ، وحتى ان الجامعه التي انعقد بها المؤتمر لا ترى اي مظهر للامن بها على ابواب الجامعه والجميع مهتم بتطوير نفسه وليس بمعاكسة الطالبات او حمل القناوي او غيرها ،ولذا تظن نفسك احياناً وانت ترى كافة هذه المشاهد الرائعه من دفء المكان وروعته والابراج الشاهقه بانك في كوكب آخر .
وانني اتمنى ان تصبح عمان هونغ كونغ العرب وكيف لنا ان نكون كذلك هل بتغيير جزء كبير من ثقافتنا في التعامل مع الاشياء المحيطة بنا ام بتغيير نمطية تفكيرنا وكيفية تحقيق الالتزام الايجابي نحو مؤسساتنا والجدية في العمل واحترام الذات والآخرين والامانه والاخلاص واهمية الوقت وغيرها من الاشياء التي تساعد على تغيير الكثير من الظواهر والمظاهر السلبية في حياتنا وسلوكنا اليومي وكيفية تحقيق التخطيط السليم في بناء المدن الحديثة المنسجمة مع التطور الحديث ومع هذه الالفيه التي اصبح فيه العالم يذهب نحو العالمية في كثير من نواحي الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ، وهذه صيحةً اخرى لامين عمان لزياره هونغ كونغ ليرى الفرق ما بينها وعمان ولاظنه سوف يستقيل بعدها من هول المفاجأة .
bsakarneh@yahoo.com
*استاذ مساعد في كلية العلوم الادارية / جامعة الاسراء