عملياً قررت شركة البوتاس العربية نقل إدارتها ومقراتها إلى منطقة الأغوار الجنوبية، وهو قرار صائب ومقدر، والثابت أن هذا النقل مطلب وطني، وكان جزءا من الأسئلة المعلقة، التي أجابت عليها الشركة التي يعود تاريخها إلى نحو مئة عام، في حينه يشير موقعها الالكتروني إلى أنها بدأت بالعام 1956 حسب الموقع الإلكتروني للشركة، في حين تشير الوثائق إلى ان امتياز البوتاس كان مطلبا وطنيا مبكراً، وأن سلطات الانتداب البريطاني في العشرينيات حاولت منح امتياز البوتاس لمهندسين من اليهود ولقي ذلك القرار احتجاج رجال الحركة العربية في المقر العالي/ الديوان الأميري.
في السردية المعتادة عن شركة البوتاس إعلامياً، شكر وثناء كبيرين على مساهمات الشركة في رفد الاقتصاد الوطني، وفي ممارسة المسؤولية الاجتماعية في مختلف بقاع الأردن، وهو جهد موزع على مدارس وجمعيات وجامعات ومستشفيات، هذا عدا عن دور الشركة بدعم الخزينة العامة بالأموال وهو شكر وثناء مستحقين.
كل ذلك الجهد لا شك أنه عُزز وزاد واصبح عملاً مؤسسياً منذ نحو ثماني سنوات، حيث تولى السيد جمال الصرايرة دفة القيادة، فاصلح ما قدر بما استطاع إليه سبيلا، ومساعي أي إدارة بالتأكيد لن تنال رضا الجميع فدوما ثمة من يقاوم ويرفض، وبرغم كل المقاومين للتجديد أو المعارضين لسياسات الإدارة، فقد غدت الشركة اليوم محط الانظار وباتت المساهمة العامة للشركة في دعم المجتمعات نهجا ثابتاً وجزءا أساسيا من قصتها الوطنية.
واليوم تعود البوتاس لمكانها الأم، تزرع مستقبلاً جديداً وتقدم أوراق اعتمادها لجنوب الخيرات، وجنوب الفقر وجنوب الكرامة، وهي خليقة بأن، يُرحب بها، وتعظيم خطوة الانتقال لتكون الأغوار بقلب الشركة، لا الشركة في قلب الأغوار، وكل الأمل بأن تخطط الشركة لتأسيس معهد للبحوث في منطقة الأغوار يدعم انتاج المعرفة، وتأسيس مجلة علمية على غرار ما فعلته شركة أرامكو منذ زمن، لأن البوتاس هي آرامكو الاردن، وهي صاحبة فضل ولديها القدرة والعقلية القيادية التي تستوعب هذه الأفكار.
ليس المهم أن نكتب تاريخ البوتاس أو نمجد فعلها المقدر، والمحترم، لكن من حق الشركة أن ندعم سياساتها بأفكار تعود بالخير على المؤسسات وعلى الوطن، ولعلّ انشاء مختبر بحثي انساني يدرس مشكلات وتحديات المجتمعات المحلية هو افضل ما يقدم؛ لأن دعم الجامعات ومساهماتها في هذا الجانب ينتهي في أدراج البريوقراطية الأكاديمية.
نعم شكراً لإدارة البوتاس ممثلة برئيس مجلس إدارتها الفطن، والمنتمي لتراب وطنه، والشكر لمديرها التنفذي ومجلس الإدارة. وشكراً لكل عامل أفنى من عمره وصحته في هذا الصرح الوطني الكثير؛ لأن حاصل تقدم الشركة ونجاحها، هو حاصل عمر الجنود المجهولين أيضاً.
(الدستور)