لا اعتقد ان شعبا في الدنيا لديه شغف الاردنيين باخبار حكوماتهم وبالذات مواعيد قدومها ورحيلها والاشاعات التي تلاحقها منذ تشكيلها, فالاهتمام الشعبي الاردني لا يكاد يخلو منه حديث بين اثنين, وانا شخصيا اتعرض منذ اسبوعين لوابل من الاسئلة من قبل معارفي (ابو اسحق النجار وابومحمد البقال وخالد الكهربجي) وكلهم مغرمون بمعرفة تأثير قرار حل المجلس النيابي على الحكومة الحالية وكلهم يسألون عن التعديل الحكومي او التغيير " شكله الحكومة طايره... مين جاي... ما عرفت اسماء مرشحه للوزارة...) يبدو ان كلا منهم يحاول الحصول على معلومات تفصيلية يمكن استخدامها في عمليات الاستعراض ومحاججة الاخرين في المجالس بما يدلل على انه واصل ويعرف كل الاخبار في عمان.
لا يختلف اثنان بعد قرار جلالة الملك بحل مجلس النواب واجراء انتخابات نيابية مبكرة بان مصير الحكومة لم يعد مهما على الصعيدين الرسمي والشعبي لان طبيعة المرحلة الجديدة التي رسمها القرار الملكي غيرت من مهمة الحكومة واعطتها صفة حكومة "تصريف الاعمال " اي ان مهمة الحكومة اليوم اصبحت مهمة انتقالية للتمهيد لمرحلة " الاصلاح" وهي مرحلة جديدة لا شك سيكون لها برنامجها وفرسانها وادواتها.
ولا اعتقد شخصيا بان الرئيس نادر الذهبي آسف على مغادرته الدوار السابع لانه شخصيا حقق اغلى امانيه وفي مقدمتها انه تجاوز فترة غياب شقيقه مدير المخابرات السابق اللواء محمد الذهبي بمدة زمنية قاربت السنة مما افشل الرهان بان الحكومة بغياب"الشقيق" لن تعمر طويلا.
وقد اشعل التحليل الاخباري الذي بثته وكالة الانباء الفرنسية في عمان الاجواء مساء الاحد بان رئيس الديوان الملكي المهندس ناصر اللوزي هو الاوفر حظا في وراثة الذهبي, حتى ان بعض الوزراء اخذوا يجمعون اغراضهم واوراقهم الشخصية من مكاتبهم لان المثل يقول "اذا قالت رنده فصدقوها" والمقصود هنا الزميلة رنده حبيب مديرة مكتب الوكالة في عمان وحتى ان نفي مصادر رسمية للخبر بما فيه الكلام المنسوب للوزي في قناة (الجزيرة) وتوضيحات كاتبة التحليل نفسها لم تقنع النخب الاردنية لان المعلومة مثل "طلقة المسدس" اذا ثارت لن تعود الى مكانها وهذا ما بات قناعة راسخة لدى الجميع بان الحكومة "بتعد ايام او اسابيع" بغض النظر عن واقع الامر او المؤشرات على الارض.
وقد تعلمنا من التجارب ان لا نحزن على حكومة راحلة او مجلس نواب منحل او اكمل مدته الدستوريه, عسى ان يبدلنا رب العالمين عنهما خلفا افضل من السلف,يتحسس همومنا ويقترب من مشاكلنا, ولو قارنا الحكومة الحالية بما قدمت يداها طيلة السنتين الماضيتين لوجدنا ان كثيرين يتمنون رحيلها منذ اشهر بعيدة.
ويبقى امام الحكومة فرصة تاريخية اذا امد الله بعمرها الى حين انجاز قانون الانتخاب او الاشراف على انتخابات المجالس المحلية او حتى الانتخابات النيابية, عساها تقدم نموذجا جيدا في التشريعات او تطبيقاتها على ارض الواقع تبعد شبح تكرار الممارسات السابقة.0
nabil.ghishan@alarabalyawm.net
العرب اليوم