غور الأردن، القشّة القاصمة ..
د. نضال القطامين
06-12-2019 03:38 PM
لا يمكن للدولة الأردنية ولا للعالم، تجاهل حماقات الليكود المتكررة التي تسهم بشكل مباشر وكبير في تأزيم ملف العلاقة مع الكيان الصهيوني.
في الحقيقة فإن الدولة الأردنية أصبحت واثقة أكثر من أي وقت مضى، أن الخلل لم يعد في الليكود ولا في الأحزاب المتطرفة وحدها، بل بات الشعب الإسرائيلي كله داخل دائرة العنصرية والتطرف، بعد أن كان ثمة أمل في أن يكون جزء منه على الأقل محب للسلام.
إن مجرد بقاء نتينياهو في السلطة، إنما هو تفويض من الدولة العنصرية بكل مكوناتها لمزيد من الغطرسة وفرض الواقع المستند على إغتصاب الحق وتزوير التاريخ. إنها شهوة القتل التي لم تفارق هذا الكيان منذ أن زُرع، نبتاً شيطانيا وسط حقول قمحنا.
كل يوم، تتعاظم متعة هذا الكيان في مزيد من الصلافة والعتوّ والخيلاء، في انتهاز سافر لانصراف القوة العربية عن مقاصدها الأساسية في مكافحة المشروع الصهيوني.
اليوم يغتنم الليكود بشكل جيد، وجود رئيس أمريكي ليس في قاموسه مصطلحات تتعلق بالعدل ولا بالحق. اليوم تتوالى المكرمات الأمريكية وتتدفق، تماما مثلما تدفقت سفن المهاجرين في موانىء الساحل الفلسطيني في مراحل وإرهاصات قيام دولة الإحتلال.
فمن اعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل إلى نقل السفارة لها، إلى اعتراف بشرعية المستوطنات المزروعة بشكل خبيث لتفتيت التراب العربي والموقف العربي، واليوم، إفصاح عدواني جديد، بطلب مكرمة أمريكية إضافية لضم غور الأردن.
تلك وأيم الله، صفاقة ما وراءها صفاقة، واستخفاف ما بعده استخفاف، ليس بالعرب وحسب، بل بكل قوى العالم التي لم تعد تملك شيئا في وجه آلة الغطرسة والحرب، بعد أن ملأت فضاءها السياسي والإعلامي بالإعتماد على احتمالات واهية بوجود عقول حصيفة في كيانٍ ظَعَنَت عَنْهُ الحكمة وتماهت في منتصف غروره وصَلَفه.
قلت في مقال سابق ذي صلة، "أن على الناس قراءة ما وراء هذا الإعلان من أنَّ ضمّ هذه المناطق لدولة الإحتلال بمثابة نزعٍ للمدى الجغرافي الذي يربط الأردن بفلسطين، وقلب للحقائق على الأرض وفي التاريخ، ثم التفرّغ للتخطيط بهدوء وسلاسة، لأن يكون، ما يمكن تسميته كيانا فلسطينيا في أي صفقة أو ومفاوضات قادمة، ليس أكثر من أجزاء متناثرة لا يمكن أن تكون دولة على الإطلاق".
اليوم، تمضي المؤامرات كما خطط لها، بقوة روافع من تشرذم محزن لكلمة العرب ومكرمات رئاسية حمقاء تمزق موقف الولايات المتحدة ورسائلها التي دوّخت الدنيا فيها من الحفاظ على دور الوسيط النزيه في صراعات القضية الفلسطينية.
لن يقف الأردن صامتا إزاء هذا التمادي الإسرائيلي. في الحقيقة فإن معاهدة السلام برمتها ستعرض على طاولة القرار، وسيكون قرار مراجعتها وتعليق العمل بها وربما إلغاؤها، إحدى الأسلحة التي تحملها هذه الدولة المؤسسة على قواعد عروبية وقومية، وقد كان قدرها دائما، ان تكون رأس الحربة في وجه المشروع الصهيوني.