هل ثبت خطأ قانون الضريبة في الأردن؟
د. حسين البناء
05-12-2019 03:02 PM
المتابع لآخر التطورات في الساحة الاقتصادية الأردنية لا بد أن يكون في صدد طرح التساؤل الجدلي الآتي: هل نحن أمام برنامج تصحيح اقتصادي بعد إدراك تبعات قِصَر النظر الضريبي المتمثل بقانون الضريبة الأخير؟
بعد عام واحد من إقرار قانون الضريبة الجديد، والذي أثار الشارع وأخرج الناس في احتجاجات غير مسبوقة منذ حراك 2011 ، يبدو أن النتائج السلبية بعد دخول القانون حيز التطبيق باتت واقعا ملموسا؛ فقد صرحت مصادر رسمية بتراجع العوائد الضريبية بما يقارب 10% مقارنة بالعام 2018 الفائت.
كان يُؤَمّل من قانون الضريبة الأخير أن يتم تحصيل ما يقارب 250 مليون دينار كنتيجة مباشرة لرفع النسب الضريبية و توسيع مظلة دافعي الضرائب، لكن ما حصل فعليا كان العكس تماما، حيث أن ما يعانيه الاقتصاد الوطني من حالة الركود التضخمي الشاذة قد أتى بنتائج مغايرة غير مرغوبة.
التحليل الأولي لما جرى هو أن رفع الأحمال الضريبية قد قلل من الدخل القابل للصرف، وبالتالي تراجع الطلب، ثم تراجع الاتجار، فتراجع المبيعات، فتراجع الأرباح الخاضعة للضريبة، وبالتالي تراجع مقدار ما يتم استحقاقه من ضريبة على كل مُكَلَّف. أي أن رفع السقف الضريبي قد جلب أثرا عكسيا بخفض الاستحقاقات الضريبية وتحصيلاتها.
خلال الأيام الأخيرة أدرك الفريق الاقتصادي فداحة ما وقع، فصدرت توجيهات تحفيزية غير مسبوقة على أمل تحفيز الطلب و ضخ السيولة في السوق الراكد، كان من أبرزها التوجيهات برفع رواتب الموظفين العاملين و المتقاعدين، ترافق ذلك مع قرار مؤسسة الضمان الاجتماعي تسهيل عملية السحب من رصيد الادخار للمشتركين في المؤسسة.
الجيّد في الأمر أن ذلك من شأنه ضخ مزيد من السيولة في الدورة الاقتصادية و بالتالي كسر حالة الركود المخيمة منذ سنوات.
الأمر غير الواضح هو مصدر ذلك الإنفاق، فهل سيكون على حساب نفقات الدولة الرأسمالية؟ أم مِن إصدار نقدي جديد؟ أم من استدانة داخلية؟ في جميع هذه الحالات هنالك علامات استفهام كبيرة تدور حول تبعات ذلك و عواقبه الاقتصادية.
تجارب الدول و أفضل ممارساتها في هذا الشأن وفي حالات مشابهة كثيرة كانت تتمثل في خفض سعر الفائدة و خفض سعر الصرف و خفض النسب الضريبية. ربما ينجح ذلك في فك نحس ثنائية الركود والتضخم التي ولج فيها الاقتصاد الأردني منذ بضع سنين.