لم تقف قصة المتسلل الإسرائيلي الى الأردن عند حدود كتابة الاسرى الأردنيين في سجون إسرائيل رسالة الى الأردن الرسمي والشعبي، يطالبون فيها بصفقة لمبادلة المتسلل بهم، من اجل الافراج عنهم، بل امتدت الى مطالبة نيابية بذات المضمون.
غير ان المعلومات المؤكدة التي تتسرب تؤشر إلى ان الجانب الإسرائيلي لم يبد أي اهتمام بموضوع المتسلل، ولم تتم المطالبة به، او المطالبة بالإفراج عنه، او ابداء الاستعداد من اجل التفاهم حول صفقة تؤدي الى اطلاق سراحه مقابل الافراج عن الاردنيين في سجون الاحتلال، جميعهم او بعضهم.
التفسيرات هنا تتحدث عن ان إسرائيل تعتبر المتسلل منخفض القيمة، أصلا، كما اشرت في مقالة امس، اذ انه ليس عسكرياً، ولا امنياً، إضافة الى وجود توتر أساسا في العلاقات بين الأردن وإسرائيل، ووجود تقديرات تقول ان الحكم القضائي في حالات التسلل وحيازة سيجارة الحشيش، تتراوح بين ثلاثة اشهر وثلاث سنوات، وفي حال تم الحكم بالحد الأدنى، فسيكون المتسلل قادرا على دفع مبلغ مالي، والخروج، وهذه ازمة مؤجلة، إضافة الى ان المتسلل لم يجد جهة سياسية إسرائيلية تضغط لأجله على حكومة نتنياهو، او عبر كنيست الاحتلال، من اجل الافراج عنه.
في تعليق لشخصية وازنة على مقالة البارحة التي جاءت تحت عنوان ” الصفقة التي تتجنبها إسرائيل مع الأردن” أشار الى ان تل ابيب تتعامل مع حالة المتسلل، مثل أي شخص من أي جنسية يدخل بلدا آخر، ويرتكب مخالفة، مثل هذا الطراز، او غيره، فلا تتدخل دولته لأجله، مشيرا الى ان ملف الاسرى الأردنيين، ملف جدير بالاهتمام، غير ان إسرائيل لم تأبه-حتى الآن- بكل قصة المتسلل، ولا تداعياتها.
في كل الأحوال هذا لا يعني ان تنخفض المطالبات على صعيد ملف الاسرى الأردنيين في سجون الاحتلال، إذ إن هناك اكثر من عشرين شخصا في السجون، هذا فوق ان ممارسات الاحتلال مع الأردنيين الذين يزورون فلسطين المحتلة، تتقصد كل فترة إيذاء شخص اردني، او توقيفه او اعتقاله، وربما تشهد الفترة المقبلة، حالات متعددة، خصوصا، مع موقف الأردن من دخول نواب إسرائيليين يرافقهم متدينون، قبل أيام، اذ شهدت عملية الدخول، تفتيشا متكررا وتأخيرا، مما أدى الى تداعيات مختلفة، وسبق ذلك، إشارات أردنية تتعلق بملف الغاز الفلسطيني، المنهوب إسرائيليا، والمناورات الأردنية على الحدود الأردنية الفلسطينية، وغير ذلك، والتصريحات الرسمية بشأن العلاقة السيئة مع الاحتلال الإسرائيلي.
المهم هنا، الا تتناقض الإشارات، بحيث يتم ابراق إشارات ضد إسرائيل، ويتم بعدها ابراق إشارات اكثر ليونة، وهذا امر يتكرر مرارا، ويبعث على الحيرة، واذا ماكنا ندير هذا الامر بشكل مقصود، او اننا وبشكل فوضوي نخلط الزيت بالماء، في كأس واحدة، ولو اردنا تعداد بعض حالات التناقض، لوجدنا اكثر من حالة مؤخرا.
إسرائيل التي تعاني من اضطراب سياسي داخلي هذه الفترة، ما تزال قادرة على تهديد الأردن، وقد رأينا مؤخرا الاتجاه نحو ضم غور الأردن في الجانب الفلسطيني، وهذا يعني ان حدود الأردن الغربية ستصبح تماما مع إسرائيل، فوق ما نراه في ملف القدس، وملف المسجد الأقصى المحمل بتوقعات خطيرة العام المقبل، إضافة الى ملف ضم المستوطنات، وانتهاء مشروع الدولة الفلسطينية فعليا.
اذا كانت الفعاليات السياسية والنيابية والإعلامية في الأردن، تريد الضغط بشأن ملف الاسرى الأردنيين، فإن امامها مهمة كبيرة، يجب الا تتوقف بسبب عدم اهتمام إسرائيل بالمتسلل الذي تتم محاكمته، اذ ان حالة عدم المبالاة الإسرائيلية قد تكون مقصودة لعدم رغبة تل ابيب بدفع أي ثمن مقابل المتسلل، فيما واجبنا الا نقبل بحشرنا في هذه الزاوية، وان نجد طرقا لفتح ملف الاسرى من اجل عودتهم الى الأردن، وانهاء معاناتهم في سجون الاحتلال، هذا فوق افتراضنا الغاء اتفاقية الغاز الفلسطيني المنهوب إسرائيليا، وغير ذلك من خطوات.
(الغد)