المخاطر الزراعية والمثلث الآمن
د. عبدالحليم دوجان
03-12-2019 01:42 PM
لا يمكن لنا أن نتصور زراعة بلا مخاطر أو كوراث طبيعية، إذ أشارت دراسات أجرتها منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (FAO) أن الضرر والخسائر في الزراعة نتيجة الكوارث الطبيعية تشكل ما يقارب 23 % من المجموع الكلي للكوارث الطبيعية التي تحدث في كل عام، فتلك الكوارث الطبيعية في الزراعة لا يمكن توقعها أو السيطرة عليها، ومرد ذلك لطبيعة نشاط الزراعة ولوجود ضعف واضح في فكر وفلسفة إدارة المخاطر الزراعية وقلة الموارد المالية، وضعف المعلومات اللازمة لمواجهة تلك المخاطر.
فالمخاطر الزراعية كما عرّفها قانون صندوق المخاطر الزراعية رقم 5 لعام 2009 وتعديلاته، بأنها تلك الأخطار التي تصيب الممتلكات والمنتجات الزراعية للمستفيدين كالجفاف والثلوج والأمطار الغزيرة والبرد والعواصف والسيول والصقيع، والآفات المرضية والحشرية والوبائية التي قد تصيب النبات والحيوان بشكل وبائي.
واقعنا الزراعي في الأردن يتعرض وعلى فترات متقطعة لبعض المخاطر والتي تنحصر بين الصقيع والرياح والأمطار الغزيرة والأوبئة أحياناً، الأمر الذي يكبّد المزارعين خسائر فادحة كالتكاليف المنفقة وضياع فرصة جني الأرباح أو تغطية التكاليف بالحد الأدنى ، وما يترتب جراء ذلك من تعويضات مالية تدفعها الحكومة للمتضررين أحيانا ، علاوة على الخلل في معادلة العرض و الطلب.
حدد صندوق إدارة المخاطر الزراعية الإطار العام لإدارة تلك المخاطر والحد من آثارها ، من حيث بناء القدرات المؤسسية في مجال إدارة المخاطر، وتشجيع المزارعين والمستفيدين على اتباع الوسائل الحديثة لتقليل ما أمكن منها ، وتطوير تقنيات السيطرة عليها للحد من الخسائر الناجمة عنها ،بما يساهم في تحقيق التنمية الزراعية المستدامة، فضلا عن تعويض المزراعين المتضررين .
ويمكن اشتقاق وسائل وإجراءات بسيطة تساعد في إدارة المخاطر والحد منها ، فعلى سبيل المثال لا الحصر؛ أكثر الأخطار تكرارا وخسارة على القطاع الزراعي هو الصقيع، فنجده يصيب محاصيل بعينها أكثر من غيرها، ويحدث في أماكن معينة وتواريخ مقدرة مسبقا على الأغلب ، فحساسية المحصول وتاريخ زراعته ومكانه تعد من مؤشرات احتمالية حدوث مثل هذا الخطر على الأغلب .
من هنا نجد أن اختيار المحصول الآمن الأقل حساسية لخطر الصقيع واختيار التاريخ الآمن للزراعة والمكان الملائم للزراعة له دور كبير في تجنب هذا الخطر أو الحد منه ، ويمكن تسميته بالمثلث الآمن في الزراعة(محصول آمن، تاريخ آمن، ومكان آمن )، وهذا بدوره يساهم بشكل كبير في إعادة توجية الزراعة نحو نمط زراعي غير مباشر يحقق التنوع في الزراعة وعدم التركز على المنتجات الزراعية الحساسة للمخاطر والابتعاد عن الأماكن والتواريخ غير الملائمة للزراعة.