ولد رحمه الله عام 1917 في قرية ابو علندا شرق عمان , وعشيرته احدى عشائر البلقاوية المتواجدة بالمنطقة , والده المرحوم حمد الحنيطي كان من رجالات العشيرة المشهورين عمل حاكما ومسوؤلا عن شرق عمان ايام الدولة العثمانية التي منحته لقب (باشا).
تلقى الشهيد تعليمه الابتدائي في مدارس عمان ثم انتقل الى السلط لتكميل تعليمه الثانوي في مدرستها الثانوية.
التحق بالجيش الاردني عام 1935 , وعرف عنه خلال خدمته العسكرية شجاعته وثقافته التي اكتسبها بكثرة المطالعة , مما مكنه من الترفيع حتى وصل لرتبة رئيس ( نقيب ) , عين قائد لسرية حامية حيفا العائدة للجيش االاردني في عام 1947 ( كانت السرية تحرس مصفاة حيفا التابعة للانجليز).
خلف رحمه الله ولدان هما المرحوم حمد, وعبد الرزاق ( ابومحمد ) أطال الله بعمره .
جهاده :----
خلال تواجده في حيفا قائدا لسرية الحماية الاردنية , لاحظ تفوق العصابات الصهيونية المسلحة والمدربة جيدا على المجاهدين العرب من ابناء حيفا , حيث لم يكن لديهم السلاح ولا التدريب الجيد, فأخذ ينسق مع قيادةالمجاهدين, وخاصة مع رئيس اللجنة القومية بالمدينة رشيد الحاج ابراهيم , ومدهم بالسلاح و المدربين من الجنود الذين تحت امرته.
عندما طلب منه قائد الجيش كلوب باشا الانسحاب ( تمهيدا لتسليم المدينة لليهود ) مع سريته من حيفا رفض رفضا قاطعا , مما أجبر كلوب باشا (الذي كان يعرف عن طريق مخبريه بتعاطف الشهيد ومساعدته للمجاهدين) ان يستدعيه للقيادة لمقابلته , وعندما قابله قال له ( يامحمد بيك أنت اردني ما لك وللفسطينيين , فاجابه الشهيد يا باشا ,انتم من قسمتم هذه البلاد ( بلاد الشام ) , فاصبحت سوريا ولبنان والاردن وفلسطين , قبلكم كنا نشتري من أسواق الشام ونشتي على سواحل المتوسط في يافا , ياباشا ان دفاعي عن حيفا هو دفاع عن قريتي ابوعلندا وعن عمان والسلط والكرك واربد ) .
ثم قام برمي الرتب والاوسمة عن كتفه وصدره والتحق بالمجاهدين بحيفا، ونظرا لخبرته العسكرية الماهره تم تعينه قائدا عسكريا اعلى لكل لواء حيفا.
قام رحمه الله بتنظيم قوات المجاهدين في المدينة حيث كانوا مشتتين ومختلفين ولا توجد لهم قيادة موحدة , وعين قادة من المجاهدين لكل المناطق , واتخذ من منطقة (حمام الباشا ) مركزا له , وعين المجاهد القسامي الكبير سرور برهم مساعدا له . وقام بتوزيع القوات على النقاط الحساسةبالمدينة.
كان المجاهدين يعانون من قلة السلاح والذخائرومع ذلك فقد خاضوا معارك شرسة مع قوات العصابات الصهيونية المتواجدة في الاحياء اليهودية بالمدينة , واشترك رحمه الله بنفسه في كثير من هذه المعارك , منها معركة تحرير شارع فيرجن , حيث قامت عصابة الهاجناه باحتلاله ووقتلت العديد من سكانه العرب , فقام المجاهدين بتحريره من العصابات الصهيونية وقتلت الكثير منهم و اجبرت البقية على الفرار.
وفي 14/3/1948 قام المجاهدون بقيادته بمهاجمة قوات عصابة الارغون الصهيونية التى احتلت حي وادي النسناس واستخدم في هذة المعركة كافة انواع الاسلحة الثقيلة والخفيفة وحصل قتال عنيف ادى الى مقتل مئات من عصابات الارغن ومنهم قائدهم بنحاس رام الذي قتله الشهيد بنفسه ( كان بنحاس رام قد توعد الشهيد بالقتل عندما استلم قيادة حامية حيفا قائلا ساعلم هذا البدوي محمد الحنيطي كيف يكون القتال ) , وفر الصهاينة من الحي.
ذهب رحمه الله بتاريخ 11/4/1948 مع مساعده سرور برهم وعدد من المجاهدين الى بيروت عن طريق عكا –الناقورة , وذلك لاحضار السلاح من اللجنة العربية، وبعد أن شرحوا حقيقة الوضع لللجنة وحاجتهم للسلاح أعطتهم اللجنة سيارتي شحن كبيرة كانت تحتوي على السلاح والذخائر والألغام و المتفجرات.
وفي صباح يوم 17/4/1948 انطلقوا من بيروت باتجاه حيفا مرورا بصيدا وعكا ,وعندما مرور القافلة في مفرق مستوطنة متوسكين الصهيونية – الواقعة في شمال حيفا -اعترضتها سيارت اسرائيلية أدت إلى ايقافها ووقعت في كمين صهيوني كبير محكم التدبير( كان الصهاينة قد عرفوا عن طريق مخبر بمرورهم) أمطر القافلة بالرصاص الكثيف مما أدّى إلى قتل الكثير من المجاهدين المرافقين له، ورفض الشهيد الانسحاب إلى الخلف رغم طلب مرافقه ذلك منه. وقام مع مساعده بادخال إحدى الشاحنتين الكبيرتين والتي تحمل حوالي 8 طن من المتفجرات الى داخل المستوطنة بالقرب من معمل المتفجرات " مختبرات وايزمان " التي يعمل بها الكثير من نواة علماء اسرائيل وخبراء المتفجرات الصهاينة وفجروها عن طريق القاء قنبلة حارقة عليها , أدى انفجارها إلى تدمير معمل المتفجرات وما حوله من مباني فقتل عدد كبير من الصهاينة تجاوز الـ 300 واستشهد الشهيد محمد الحنيطي ورفيقه سرور برهم، أما الشاحنة الأخرى فقد عادت سالمة إلى عكا.
نقل جثمان الشهيد إلى جنين ومنها إلى عمّان عن طريق وادي شعيب- السلط بسيارة شحن,وعند وصولها بعد المغرب بقليل إلى مدخل مدينة السلط توقفت أمام مخفر البياضة حيث تجمعت جماهير غفيرة من أهالي السلط حولها وأخذوا يطلقون النيران احتفالاً باستشهاد الشهيد وقام الخطباء بإلقاء الخطب ( كان أبرزها كلمة المحامي محمد عبد الرحمن خليف النسور ) التي مجّدت الشهيد محمد الحنيطي وبطولاته، ثم نقل الجثمان في الليل إلى عمان ووضع في دار الإخوان المسلمين في أول شارع السلط " رواية ابنه عبدالرزاق". وفي اليوم التالي صلي على الجثمان الطاهر في المسجد الحسيني وشيّع في موكب عسكري ورسمي مهيب إلى مقبرة المصدار وسار الآلاف من أبناء الشعب الأردني من كل العشائر والمناطق خلف الجثمان الذي كان مسجّى على عربة مدفع سارت به حتى مقبرة المصدار في عمان حيث وري الثرى .
رحم الله الشهيد القائد محمد حمد الحنيطي وجزاه خير الجزاء عن ما قدم لوطنه وأمته , ويكفيه فخراً أنه رفض الاعتراف بسايكس بيكو وحدودها التي قسمت الأمة , رفضها عقيدة وفكراً وطبق ذلك قولاً وفعلاً على أرض الواقع.
وللشهيد القائد محمد الحنيطي حقاً علينا وعلى الأجيال المتعاقبة من أبناء أمته ووطنه ألا ينسوه أبداً هو إخوانه الشهداء الذين روّا بدمائهم الطاهره أرض فلسطين العروبة والإسلام المباركة .