لا ادري أكانت دموع ذاك الطفل على إشارة المرور حقيقية ام كانت اصول الشغل واحدى ادوات التسول والشحدة، لكنها كانت غزيرة تكاد تتجمد من شدة البرد في ايام المربعانية القاتلة.كنت قبل ان ارى ذاك الطفل على اشارة المرور اغادر مدرسة اولادي الخاصة حيث كانت تصطف امام المدرسة السيارات الالمانية والامريكية واليابانية الفارهة وسيارتي الكورية التي اتعكز عليها ولا استطيع استبدالها بسبب رسوم المدارس العالية والجنونية والتي ترتفع باستمرار.
كان الكثير من اطفال السيارات الفارهة يهبطون منها بدموع ولكنها تختلف عن دموع طفل الاشارة فهي اما نعسا لان الطفل سهر تلك الليل على احدى الفضائيات او انها لنقص في احدى الكماليات.
اما طفل اشارة المرور حتى وان كانت دموعه تمثيل فانها تحتاج الى كل مناديل العالم ليجففها ولن يستطيع لانها دموع حارقة دموع حرمان من مقاعد المدرسة دموع عتب على المجتمع الذي حرمه من اقلامه ودفاتره وصفوف مدرسته الاولى.
كلما مد طفل يده وأنا أقف على إشارة مرور في كل مدن الوطن، ونظرت في عينيه، ورأيت دموعه الكبيرة بحجم الحزن والغزيرة بحجم المأساة شعرت بحجم المسؤولية الأخلاقية والإنسانية التي تقع على الجميع اباء ومعلمين. ولكن المسؤولية الكبرى تقع على المفكرين والمثقفين والاعلاميين، لا نطالبهم بإطعام الجياع، فهذا أكبر من إمكانياتهم، ولكننا نطالبهم بأن يقولوا الحقيقة، أن يصارحوا أصحاب القرار بأن الوقوف على اشارات الظلم جريمة أخلاقية كبرى، وأن الانفجار قادم لا محال، ولا بد من عمل جاد لوقفه، ولا بد من نداء نطلقه للوطن:
( احم الجياع.. اعيدوا لاطفال الشوارع واشارات المرور طفولتهم وكتبهم وكراريسهم واقلامهم وصفوف مدرستهم الاولى...!
royaalbassam@yahoo.com