نجاح البرنامج النووي الاردني في الاستخدامات السلمية
د. عبدالحليم الوريكات
28-11-2019 01:51 PM
ان برامج الطاقة النووية وتطبيقاتها المختلفة قد اصبحت سمة من سمات حياتنا اليومية سواء في الاستخدامات السلمية في مجال انتاج النظائر المشعة او في توليد الكهرباء او في البحوث العلمية وتطبيقاتها المختلفة، وتبعاً لهذه الاعتبارات فلقد سعى الاردن لإنشاء هيئة الطاقة الذرية الاردنية عام (2008) بهدف نقل الاستخدامات السلمية للطاقة النووية وتكنولوجيا الاشعاع الى المملكة وتطوير استخداماتها وادارتها.
لقد عملت هيئة الطاقة الذرية الاردنية منذ انشائها على وضع الآليات التنفيذية المناسبة لضمان نجاح التطبيقات المختلفة لمشاريع البرنامج النووي الاردني للاستخدامات السلمية بتنشيط البحث العلمي وتطوير وبناء القدرات والكفاءات البشرية المؤهلة في العلوم والتكنولوجيا النووية وتطبيقاتها المختلفة من خلال المشاريع التالية:
1- الاهتمام بتدريس البرامج العلمية والتدريبية في العلوم والتكنولوجيا النووية في الاردن بدءاً ببرنامج البكالوريوس في الهندسة النووية وبرامج الماجستير في الفيزياء النووية والفيزياء الطبية في الجامعات الاردنية ، ولقد تخرج من برنامج البكالوريوس في الهندسة النووية أكثر من (160) طالباً وطالبة وباشر عدد كبير منهم أعمالهم في المشاريع النووية في الأردن والدول المجاورة التي بدأت برامج نووية، بالاضافة لدعم وتوفير المنح والبعثات الدراسية والتدريب المتخصص وعقد الدورات في العلوم والتكنولوجيا النووية من خلال ابتعاث الطلبة الاردنيين لدراسة برامج الماجستير والدكتوراه في عدد من الدول المتقدمة في البرامج النووية شملت كل من فرنسا وروسيا وكوريا الجنوبية والصين وبلغ اجمالي عدد المبعوثين الذين تخرجوا من جامعات خارج الاردن أكثر من (175) طالباً وطالبة حيث ان عدد الاردنيين اللذين حصلوا على البكالوريوس والماجستير والدكتوراة في الهندسة النووية والعلوم النووية الاخرى حاليا ما يزيد عن (300) طالبا وطالبة بالمقارنة مع الاعداد القليلة للاردنيين في هذه التخصصات قبل عام (2008) والتي كانت تعتبر تخصصات نادرة.
2- المفاعل النووي الاردني للبحوث والتدريب
لقد تم بناء المفاعل النووي الاردني للبحوث والتدريب في حرم جامعة العلوم والتكنولوجيا الاردنية ليوفر منصة قوية للبحث العلمي والتدريب لطلبة الهندسة النووية والعلوم النووية الاخرى وانتاج النظائر المشعة الطبية والصناعية ولدعم التطبيقات النووية في مجالات الطب والزراعة والمياه والصناعة على مستوى الاردن والمنطقة.
ومن الجدير ذكره انه تم افتتاح هذا المفاعل برعاية ملكية سامية في كانون اول عام 2016 ،وقد حصل في عام 2017 على الرخصة التشغيلية من هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن الاردنية. كما نجح الفريق الاردني العامل على تشغيل المفاعل في انتاج نظائر اليود (I-131) والتكنيشيوم ((Tc-99m والراديوم (Ir-192) المشعة باستخدام تقنية التنشيط النيتروني، كما تم في عام 2018 الحصول على التراخيص اللازمة من مؤسسة الغذاء والدواء الاردنية لترخيص نظير اليود المشع (I-131) للاستخدامات البشرية وتم العمل على تشغيل تقنية التنشيط النيتروني بنجاح والتحقق من دقة نتائجها بالمقارنة مع نماذج قياسية من الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
هذا مع العلم ان المفاعل النووي الاردني للبحوث والتدريب وضع خطة تجارية لاستخدام المفاعل تشمل تسويق النظائر المشعة من خلال تحديد حاجة السوق الاردني والمنطقة المجاورة كما يعتزم توقيع مذكرات تفاهم واتفاقيات شراكة مع الشركات الاردنية المؤهلة في امور انتاج وتطوير وترخيص وتسويق النظائر المشعة والمواد الصيدلانية الطبية المشعة محلياً واقليمياً وعالمياً. وتجدر الاشارة الى ان الخطط الحالية تهدف الى التوسع في انتاج نظائر مشعة أكثر للاستخدامات الطبية والصناعية في الاردن والمنطقة ، ومن الجدير ذكره ان مديرية الخدمات الطبية الملكية عقدت مع الهيئة اتفاقية لتزويدها بمصادر اليود المشع (I-131) المستخدم في الطب النووي دعماً للتعاون والتنسيق المستمرين بين الهيئة والخدمات الطبية الملكية في انتاج وتسويق وتطوير النظائر المشعة المنتجة من المفاعل النووي الاردني للبحوث والتدريب . ولقد تم تزويد كافة مراكز الطب النووي في الاردن والبالغ عددها 14 مركزاً باليود المشع (I-131) منذ نهاية العام الماضي 2018 ولغاية الان مجاناً. هذا مع العلم ان الخطط الحالية ترمي الى التوسع في انتاج نظائر مشعة أكثر للاستخدامات الطبية والصناعية في المملكة والمنطقة .
ومن الجدير ذكره ان المفاعل النووي الاردني للبحوث والتدريب أصبح جاهزاً لاستقبال العينات المراد تحليلها وذلك لتحديد مكونات العناصر الداخله في تركيبها وذلك باستخدام تقنية التنشيط النيوتروني.
3- مركز السنكروترون
لقد تم بناء وتشغيل مركز السنكروترون(سيسامي) كأول مركز اقليمي للتميز في البحث العلمي في منطقة الشرق الاوسط برعاية اليونسكو وباستضافة الأردن له في بلدة علان (محافظة البلقاء) ولقد تم افتتاح مركز السنكروترون برعاية ملكية سامية في 16 أيار عام 2017.
ينتج مسارع ضوء السنكروترون حزم الاشعة السينية والاشعة تحت الحمراء والاشعة فوق البنفسجية التي تستخدم لإجراء البحوث العلمية والتجارب العملية في علوم الفيزياء والكيمياء والاحياء والبيئة والآثار والجيولوجيا والمواد والتطبيقات المختلفة في الزراعة والصيدلة والطب والهندسة والصناعة . وحاليا فقد تم التشغيل الكامل لمطيافية الاشعة السينية ومطيافية الاشعة تحت الحمراء ومطيافية الاشعة السينية لعلوم المواد، كما تم الاطلاق الاول لبرامج البحث العلمي باستخدام مركز السنكروترون لاستقبال اولى فرق البحث من مستخدمي ضوء السنكروترون في صيف عام 2017 وتضمن اختيار (23) فرقة بحثية شملت فرقاً بحثية من اساتذة الجامعات الاردنية لإجراء تجارب بحثية في علوم البيئة والآثار والجيولوجيا خلال شهر أيلول عام 2017. كما أعلن المركز في عام 2018 عن الاطلاق الثاني لاستقبال مقترحات البحوث العلمية لاستخدام مطيافية الأشعة السينية ومطيافية الاشعة تحت الحمراء حيث تم اختيار (57) فرقة بحثية شملت (15) فرقة بحثية للباحثين الاردنيين وسيتم الانتهاء من هذه المشاريع البحثية مع نهاية عام 2019 ليضاف ذلك لمسيرة نجاح نحو تطوير وبناء القدرات البشرية الأردنية لاستخدام الأنشطة والمراكز البحثية المتخصصة في الأردن.
وحرصاً من هيئة الطاقة الذرية الأردنية على الاستفادة من مركز السنكروترون كمركز للتميز في البحث العلمي في الأردن فقد دعمت الهيئة اللجان المختلفة لأنشطة مركز السنكروترون التي شملت اللجنة الوطنية الأردنية لمركز السنكروترون والتي تشمل مهامها وضع السياسات والبرامج الوطنية الأردنية لعمل المركز واللجنة الأردنية لمستخدمي ضوء السنكروترون والتي تضم ممثلين من الجامعات الأردنية والمراكز البحثية المعنية بالإضافة الى الشبكة الأردنية لمستخدمي ضوء السنكروترون والتي تضم اعضاء هيئة التدريس وطلبة الدراسات العليا في الجامعات الأردنية والباحثين من المؤسسات الأردنية المعنية وتضم الشبكة حالياً أكثر من (120) باحثاً يمثلون الفرق البحثية الاردنية المتخصصة في مجالات تخصصاتهم العلمية واهتماماتهم . حيث يعد مركز السنكروترون (سيسامي) مكسباً وطنياً واستثماراً علمياً اقتصادياً يقدم فوائد كثيرة لجامعاتنا الأردنية ومراكز الأبحاث والقطاعات التنموية في الأردن والتي تمثل الركيزة الاساسية لدعم مشاريع وخطط التنمية الوطنية الأردنية الشاملة.