قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا، وَلأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخٍ لِي فِي حَاجَةٍ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ -يَعْنِي مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ- شَهْرًا ... إلى آخر الحديث الشريف } ، صدق رسول الله .
ونلاحظ أن معظم الوقف المقدّم من المال الخاص ينحصر في بناء المساجد أو تخصيص الأراضي لبنائها عليها ، وهذا طيّبٌ ومبارك لكن لا بدّ وأن نتفكّر في باقي ضروب الخير ودروبه التي تخدم الحاجات الأساسية كالصحة والتعليم والتشغيل .
وقد وصلنا بحمد الله وفعل الخيّرين إلى تشييد ٦٧٣٩ في المملكة ، حصّة العاصمة عمان منها ١٥٦٨ ، تليها الزرقاء بـ ٦٣٠ مسجدٍ ثم إربد بـ ٦١٠ وهكذا حتى العقبة ، وفي هذا ضمانة لأن يرفع إسم الله جلّ وعلا على مساحات الوطن الحبيب ، ونكمل على ذلك بعون الله كلّما إستدعت الحاجة .
فعلى سبيل المثال لا الحصر ، هناك ستة مساجد في مسقط رأسي - بلدة يرقا - ، بينما يتواجد فيها مدرسة حكومية واحدة للبنين وأُخرى للبنات ومركزٌ صحيٌّ متواضع ، وجميعها بحاجة إلى التوسعات والتطوير فَلِمَ لا يوجّه المحسنون بِرّهم إليها عبر عوائد صناديق الوقف الإستثماريّ طالما أن هذا حال قرانا وبوادينا ومخيّماتنا قاطبة ؟
وحتى على مستوى المحافظات ، نجد مستشفاً حكوميّاً واحداً بالكاد يخدم أكثر من ١٠٠ ألف مواطن وتحوّل منه الحالات الحرجة إلى العاصمة بسبب نقص الكوادر أو الخبرات أو المعدّات ، وأكثر من ٣٠٠ مسجد في ذات المحافظة يمتليء بعضها فقط في صلاة الجمعة .
هذا علاوة على نقص الكوادر اللازمة لإدارة بيوت الله إذ أننا نحتاج - وفقاً لوزارة الأوقاف - إلى تعيين ٤٦٧٥ إمامٍ ومؤذّنٍ لخدمة ٣٠٠٠ آلاف مسجد لا تجد موظفين لخدمتها ، بينما نعاني بطالة في صفوف الأطبّاء ونقصٍ في الأسرّة العلاجيّة إضافة إلى ما تعيشه مدارس الأطراف من شُحٍّ في البُنى التحتيّة ونقصٍ في التدفئة والتبريد والصيانة ، وكم تحوي بعض مساحات الوطن من غارمين وغارمات ، وكم منهم يقاسي عناء سفرٍ لغايات العلاج في العاصمة أو ينتظر دوره في صورة شعاعيّةٍ لشهور .
وصناديق الوقف الإستثمارية منتشرة في محيطنا الإسلامي كدولة الكويت، الإمارات العربية المتّحدة (الشارقة، وعجمان)، السعودية، قطر، وماليزيا ، تماماً على غرار ما تقدمه مؤسسة تنمية أموال الأيتام من إستثمارٍ شرعيّ على الأراضي الموقوفة .
إن متوسط بناء وتأثيث ١٠٠ مسجد بسيط يناهز العشرة ملايين دينار ، لذا وجب علينا جميعاً أن نتكاتف ونطالع حاجتنا إلى المزيد منها وموائمة ذلك مع البقعة الجغرافية والكثافة السكّانية إن هي كانت بحاجة أم أنّها مُشبعَة ، ونتبيّن أولويّة الحاجات عند وقف المال الخاصّ ، فلبناء المسجد أجرٌ طيّب ، وكذلك تدريس المحتاج وتأمين العلاج لمن لا يجده وتعزيز قدرة الدولة على دعم ذوي الدخل المتدنّي والتوسّع في خلق مشاريع تؤمّن العمل أبوابُ خيرٍ وسَترٍ ومسؤوليّة دينيّة وإحتماعيّة وأخلاقيّة .
وفي صناديق الوقف الإستثمارية قوّةٌ تُسَدُّ عبرها الكثير من الحاجات .